للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والروم، ثمّ فاض المال في عهد عمر بن عبد العزيز رحمه الله، فكان الرَّجل يَعْرِض المال للصدقة، فلا يجد مَنْ يقبله.

وسيكثر المال في آخر الزّمان، حتّى يعرض الرَّجل ماله، فيقول الّذي يعرضه عليه: لا أرب لي به.

وهذا - والله أعلم - إشارةٌ إلى ما سيقع في زمن المهدي وعيسى عليه السّلام (١)؛ من كثرة الأموال، وإخراج الأرض لبركتها وكنوزها.

ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: "تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة". قال: "فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قَتَلْتُ. ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعتُ رحمي. ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعتُ يدي. ثمّ يَدَعونه فلا يأخذون منه شيئًا" (٢).

وذكر ابن حجر أنّه يحتمل أن يكون استغناء النَّاس عن المال وتركهم له وقت خروج النّار واشتغال النَّاس بأمر الحشر، فلا يلتفتُ أحدٌ حينئذ إلى المال، بل يقصد أن يتخفَّف ما استطاع.

وما ذكره ابن حجر من استغناء النَّاس عن المال لاشتغالهم بأمر الحشر لا يُنافي أن يكون لاستغنائهم سببٌ آخر، وهو كثرة المال؛ كما يحصل في زمن المهدي وعيسى -عليه السّلام-، وبذلك يكون الاستغناء يقع في زمنين - وإن تباعدا - بسببين مختلفين، والله أعلم.


(١) انظر: "فتح الباري" (١٣/ ٨٧ - ٨٨).
(٢) "صحيح مسلم"، كتاب الزَّكاة، باب كلّ نوع من المعروف صدقة، (١٥/ ٩٨ - مع شرح النووي)، وانظر: "فتح الباري" (١٣/ ٨٨).

<<  <   >  >>