للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد وقعت الحرب بين الطائفتين في الموقعة المشهور بـ (صفِّين) (١) في ذي الحجة سنة ست وثلاثين من الهجرة، وكان بين الفريقين أكثر من سبعين زحفًا، قُتِل فيها نحو سبعين ألفًا من الفريقين (٢).

وما حصل من قتال بين عليٍّ ومُعاوية لم يكن يريده واحدٌ منهما، بل كان في الجيشين من أهل الأهواء متغلَّبون يحرِّضون على القتال، الأمر الّذي أدَّى إلى نُشوب تلك المعارك الطاحنة، وخروج الأمر من يد عليٍّ ومُعاوية رضي الله عنهما.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأكثر الذين كانوا يختارون القتال من الطائفتين لم يكونوا يطيعون لا عليًّا ولا مُعاوية، وكان علىٌّ ومُعاوية رضي الله عنهما أطلب لكف الدماء من أكثر المقتتلين، لكن غُلبا فيما وقع، والفتنة إذا ثارت؛ عجز الحكماء عن إطفاء نارها.

وكان في العسكرين مثل الأشتر النخعي (٣)، وهاشم بن عتبة


(١) (صفين): موضع على شاطىء الفرات من الجانب الغربي، بقرب الرقة، آخر تخوم العراق وأول أرض الشّام.
انظر: "معجم البلدان" (٣/ ٤١٤)، وتعليق الشّيخ محب الدين الخطيب على "العواصم" (ص ١٦٢).
(٢) انظر: "فتح الباري" (١٣/ ٨٦)، و"معجم البلدان" (٣/ ٤١٤ - ٤١٥).
(٣) هو مالك بن الحارث بن عبد يغوث بن مسلمة النخعي الكوفي المعروف بالأشتر، أدرك الجاهلية، وروى عن عمر وعلي، وكان من أصحاب علي رضي الله عنه، شهد معه الجمل وصفين ومشاهده كلها، وقيل: إنّه شهد اليرموك، وكان رئيس قومه، وكان ممَّن يسعى في الفتنة والتأليب على عثمان، ولَاّه على مصر، وتوفي وهو في طريقه إليها سنة (٣٧ هـ).=

<<  <   >  >>