بواحدةٍ (١)، وكان يُملي الحديث بمكَّة، ولم يكن غيره يملي بها حين حكم المِصْريون على مكَّة، وإنما كان يملي سِرًّا في بيته.
قال ابنُ طاهر: وَدَخَلْتُ على الشَّيخ سعد وأنا ضيِّق الصَّدْر من رجل شِيرازي، فقبَّلْت يده، فقال لي ابتداء: يا أبا الفضل، لا تُضيِّق صدرك، عندنا في بلاد العَجَم مَثَلٌ يُضرب يقال: بُخْلُ أَهْوازي، وحَمَاقة شِيرازي، وكَثْرة كلام رازي. ودخلتُ عليه في أوَّل سنة سبعين لما عَزَمْتُ على الخروج إلى العِراق أودّعه، ولم يكن عنده خبر من عزمي فقال: أراحلون فنبكي أم مقيمونا؟
فقلت: ما أمَرَ الشيخ لا نتعدَّاه. فقال: على ما عزمت؟ قلت: أريد أن ألحق مشايخ خُراسان. فقال: تدخل خراسان وتبقى بها، وتفوتك مِصْر وتبقى في قلبك؟ ! فاخرجْ إليها، واخرجْ منها إلى العراق وخُرَاسان، ففعلتُ، وكان في ذلك البركة.
وسمِعْتُه يقول، وقد جَرَى ذِكْرُ "الصَّحيح" الذي خَرَّجه أبو ذَرّ الهَرَوي فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شَرْط "الصَّحيح".
وقال السَّمْعَاني: سمِعْتُ بعضَ مشايخي يقول: كان جَدُّك أبو المُظَفَّر عَزَمَ على أن يجاور بمكَّة في صحبة سعدٍ الإمام، فرأى ليلةً والدَته كأنها كشفت رأْسَها تقول: يا بُنيَّ، بحقِّي عليك إلّا ما رجعت إلى مَرْو، فإني لا أُطيق فِراقَك. فانبتهت مغمومًا، وقلت: أُشاور سَعْد بن علي. فأتَيتُه، ولم أقدر من الزِّحام أن أكلِّمَه، فلما قام تَبِعْتُه، فالتفت إليَّ وقال: يا أبا المُظَفَّر، العجوز تنتظرك. ودخل البيت، فعرفت أنه تكلم على ضميري، فرجعت تلك السَّنَة.