للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"التمييز" (١) لِمُسْلم عن أبي ذَرّ الهَرَوي، وحضرت مجالسه، وكان جليلًا، رفيع القدر والخَطَر (٢).

وقال القاضي عِياض: كَثرَتْ القَالة في أبي الوليد لمداخَلَتِه للرؤساء، ووليَ قَضَاء أماكن تصغرُ عن قَدْره كأُورِيُولة (٣)، فكان يبعث إليها خُلَفاءه، وربما أتاها المَرَّة ونحوَها، وكان في أوَّل أمره مُقِلًا حتى احتاج في سفره إلى القصد بشِعْره، وإيجار نفسه مُدّة مُقَامه ببغداد -فيما سَمِعْتُه مستفيضًا- لحراسة دربٍ، وقد جَمَع ابنه شِعْره، وكان ابتدأَ بكتاب "الاستيفاء" في الفِقْه، لم يضعْ منه سوى كتاب الطَّهارة في مجلَّدات. قال: ولما قَدِم الأَندلس وجد لكلام ابن حَزْم طُلاوة إلّا أنه كان خارجًا عن المَذْهب، ولم يكن بالأندلس من يشتغل بعلِمْه، فَقَصُرَتْ ألسنةُ الفُقَهاء عن مجادلته وكلامه، واتَّبَعه على رأيه جماعة من أهل الجهل، وحل بجزيرة مَيُورْقَة (٤) فرأس فيها، واتَّبعه أهلُها، فلما قَدِمَ أبو الوليد كلَّموه في ذلك، فدخل إليه (٥) وناظره، وشَهَّر باطله، وله مَعَه مجالس كثيرة، ولما تكلَّم أبو الوليد في حديث الكتابة يوم الحُدَيبِية الذي في "صحيح" البخاري (٦)، قال بظاهر لَفْظه، فأنكر عليه الفَقيه


(١) في دار الكتب الظاهرية قطعة منه. انظر "تاريخ التراث العربي": مج ١ / ج ١/ ٢٧٧.
(٢) "الإكمال": ١/ ٤٦٨.
(٣) مدينة قديمة من أعمال الأندلس من ناحية تُدمْير، بساتينها متصلة ببساتين مرسية. "معجم البلدان": ١/ ٢٨٠.
(٤) جزيرة شرقي الأندلس، بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة، بالنون. "معجم البلدان": ٥/ ٢٤٦.
(٥) في "تذكرة الحفاظ": ٣/ ١١٨١ "فرحل إليه".
(٦) انظر الحديث رقم (٤٢٥١) في المغازي، باب عمرة القضاء. وانظر ما كتبه ابن حجر في شرحه "فتح الباري": ٧/ ٣٨٦ - ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>