للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَرْب، وكان لما رجع إلى الأندلس يضرِبُ ورق الذَّهب للغَزْل، ويعقد الوثائق. قال لي أصحابه: كان يخرج إلينا للإِقراء وفي يده أثرُ المِطْرَقة، إلى أن فَشَا عِلْمُه، وهَيَّتتِ الدُّنيا به (١)، وعَظُم جاهُه، وأُجزلت صِلاتُه، حتى مات عن مالٍ وافر، وكان يستعمله الأعيان في ترسُّلهم، ويقبل جوائزَهم، ولي القضاء بمواضع من الأندلس، وصنَّف كتاب "المُنْتَقى في الفِقْه" (٢)، وكتاب "المَعَاني في شرْح المُوَطَّأ"، وكتاب في "الجَرْح والتَّعْديل"، وكتاب "التَّسْديد إلى مَعْرفة التَّوْحيد"، وكتاب "الإِشارة في أُصول الفِقْه"، وكتاب "إحكام الفُصُول في أَحْكَام الأُصول"، وكتاب "الحُدُود"، وكتاب "شرح المِنْهاج"، وكتاب "سُنن الصَّالحين وسُنن العابدين"، وكتاب "سُبُل المُهْتدين"، وكتاب "فِرَق الفُقَهاء"، وكتاب "التَّفْسير" لم يتمه، وكتاب "سُنن المِنْهاج وترتيب الحجاج" (٣).

وقال أبو نَصْر بن ماكُولا: وذو الوزَارتين، القاضي الإِمام أبو الوليد الباجي من باجة الأندلس، متكلِّم فقيه أديب شَاعر، رحل إلى المَشْرق وسمع بمكة من أبي ذَرّ الهَرَوي، وبالعِراق من البَرْمَكي وطبقتِه، ودرس الكلام على القاضي السِّمْنَاني، وتفقَّه على الشيخ أبي إسحاق الشِّيرَازي، ورجع إلى الأندلس فروى، ودرَّس وألفَ، قرأتُ عليه كتاب


(١) أي نادته، ودعته، يقال: هيَّت بالقوم تهييتًا: إذا ناداهم، والمقصود هنا؛ أي شهرته ونبهت باسمه. انظر "اللسان" (هيت). وفي "تذكرة الحفاظ": ٣/ ١١٨٠ "وهيئت الدنيا له".
(٢) شرح فيه "الموطأ" للإمام مالك، وقد طبع عام ١٩٦٤ م في سبعة أجزاء بعناية محمد بن العباس بن شقرون.
(٣) انظر "ترتيب المدارك": ٤/ ٨٠٦ - ٨٠٧، وقد ورد الكتاب الأخير باسم "تفسير المنهاج في ترتيب طرق الحجاج".

<<  <  ج: ص:  >  >>