وقال ابنُ طاهر: سمعت أبا إسماعيل يقول: إذا ذكرتُ التَّفْسير، فإنما أذكره من مئة وسبعة تفاسير. وسمعته ينشد على مِنْبره:
أنا حَنْبليٌّ ما حييتُ وإنْ أَمُت ... فوصيَّتي للنَّاس أَنْ يتَحَنْبَلُوا
قال ابنُ طاهر: حكى لي أصحابنا أن السُّلْطان ألب أرْسْلان قَدِمَ هَرَاة ومعه وزيره نظامُ الملك، فاجتمع إليه أئمة الفَريقين: الحنفِيّة والشافعية للشَّكْوى من الأَنْصَاري، ومطالبته بالمُنَاظرة، فاستدعاه الوزير، فلمَّا حَضَر قال: إنّ هؤلاء قد اجتمعوا لمناظرتك، فإن يكن الحقُّ معك رجعوا إلى مَذْهبك، وإن يكن الحق معهم؛ إمَّا أن ترجع أو تسكت عنهم. فقام الأَنْصاري وقال: أُناظر على ما في كُمِّي. قال: وما في كُمِّك؟ قال: كتاب الله -وأشار إلى كمه اليمين- وسُنَّة رسول الله- وأشار إلى كُمِّه اليسار، وكان فيه "الصّحيحان"- فنظر الوزير إليهم؛ مُسْتفهمًا لهم، فلم يكن فيهم مَنْ ناظره من هذا الطّريق.
وسمعت أحمد بن أميرجه؛ خادم الأنصاري يقول: حَضَرْتُ مع الشَّيخ للسَّلام على الوزير نظام الملك، وكان أصحابنا كلَّفوه الخروجَ إليه، وذلك بعد المِحْنة ورجوعه من بلْخ (١). قال: فلما دخل عليه أكرَمَه وبجَّلَه، وكان هناك أئمة من الفريقين، فاتَّفقوا على أن يسألوه بين يدي الوزير، فقال العلوي الدَّبُّوسي: يأذن الشيخ الإمام أن أسأل؟ قال: سَلْ. قال: لِمَ تلعن أبا الحسن الأشْعَري؟ فسكتَ، وأطرق الوزير، فلما كان بعد ساعةٍ قال له الوزير: أَجِبْه. فقال: لا أعرف أبا الحسن، وإنما ألعن
(١) قال الإمام الذهبي في "تذكرة الحفاظ": ٣/ ١١٨٦ "قلت: كان قد غرب إلى بلخ".