للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يُرى قَطُّ مِثْله، وعن مِثْله لا يُسأل، جمع بين الحديث والفِقْه والأدب، ورأى عُلَماء الأندلس، وكان حافظًا.

وقال أبو علي الصَّدَفي: كان يدلُّني على الشُّيوخ، وكان متقلِّلًا من الدُّنيا، يمونه ابن رئيس الرؤساء، ثم جَرَتْ لي معه قصص أوجبت انقطاعي عنه، وكان يبيت عند ابن رئيس الرؤساء كلَّ ليلة، وحدَّثني أبو بكر بن الخَاضِبة أنَّه ما سمعه يذكر الدُّنيا قَطّ (١).

وقال يحيى بنُ البَنَّاء: كان الحُمَيدي من اجتهاده ينسخ باللّيل في الحَرّ، فكان يجلس في إجّانة (٢) ماءٍ يتبرَّد به.

وقال الحسين بن محمد بن خُسْرُو: جاء أبو بكر بن ميمون فَدَقَّ على الحُمَيْدي، وظَنَّ أنه قد أذِن له، فَدَخل، فوجده مكشوف الفَخِذ، فبكى الحُمَيدي، وقال: واللْه لقد نَظَرْتَ إلى موضعٍ لم ينظره أحدٌ منذ عَقَلْتُ.

وقال ابن طَرْخَان: سمِعْتُ الحُمَيدي يقول: ثلاثةُ كُتُبٍ من علوم الحديث يجب الاهتمام بها، كتاب "العِلل" وأحسن ما وُضع فيها كتاب الدَّارَقُطْني، وكتاب "المُؤْتلف والمُخْتلف" وأحسن كتاب وُضِعَ فيه "الإكمال" للأمير ابن ماكُولا، وكتاب "وَفيَات المَشَايخ" وليس فيه كتاب، وقد كُنْتُ أردت أن أجمع في ذلك كتابًا، فقال لي الأمير: رَتِّبْه على حُروف المُعْجم بعد أن تُرَتِّبَه على السِّنين. قال ابن طَرْخَان: فاشتغل "بالصحيحين" إلى أن مات (٣).


(١) انظر "الصلة": ٢/ ٥٦٠.
(٢) الإجانة: إناء تغسل فيه الثياب. "المعجم الوسيط": ١/ ٧.
(٣) "الصلة": ٢/ ٥٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>