القلوبُ على محبَّته، وحسن الذِّكْر له في الآفاق البعيدة، حتَّى أهل خوارَزْمَ الذين هم معتزلة مع شِدَّته في الحَنْبَلِيَّة.
وكان حَسَنَ الصَّلاة، لم أر أحدًا من مشايخنا أحسنَ صلاةً منه، وكان متشدِّدًا في أمر الطَّهَارة؛ لا يدع أحدًا يَمَسُّ مَدَاسه، وكانت ثيابه قِصَارًا وأكمامه قِصارًا، وعِمامته نحو سبعة أذرع.
وكانت السُّنَّة شعارَه ودثارَه اعتقادًا وفِعلًا، بحيث إنه كان إذا دخل مجلسه رجلٌ فقدَّم رِجْلَه اليُسرى كلَّفه أن يرجِعَ فيقدِّم اليُمْنى، ولا يَمَسّ الأجزاء الأعلى طهارة، ولا يدْعُ شيئًا قط إلَّا مستقبلَ القبلة تعظيمًا لها.
إلى أن قال: سمعت من أثقُ به يحدث عن عبد الغافر بن إسماعيل الفَارسي أنَّه قال في الحافظ أبي العلاء لَمَّا دخل نَيسَابور: ما دخل نيسابور مِثْلُك. وسمِعْتُ الحافظ أبا القاسم عليَّ بنَ الحسن يقول -وذكر رجلًا من أصحابه رَحَلَ-: إنْ رَجَعَ ولم يلقَ الحافظَ أبا العلاء ضاعتْ رِحْلَتُه.
مات أبو العلاء في جُمَادى الأولى سنةَ تسع وستين وخمس مئة.
وفيها: مات المسنِدُ النَّقيب أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمَّر العَلَوي ببغداد. وأبو الحسن دَهْبل بن علي بن كارة الحَريمي الحنبلي؛ سمع الحسين بن البُسري. وشيخ العربية أبو محمد سعيدُ بن المُبَارك بن الدَّهَّان البَغْدادي. والمسنِدُ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن هبَة الله بن محمد بن النَّرْسي. ومسنِد المَغْرب أبو الحسن عليُّ بن أحمد بن