للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: ابنُ عساكر أَحْفَظُ من السِّلَفي بلا شك، وكان شيخُنا أبو الحَجَّاج القُضَاعي (١) يميل إلى ابنِ عساكر؛ لم يَرَ حافِظًا مِثْلَ نفسه.

وقال الحافظ عبد القادر: ما رأيتُ أحفظَ من ابن عساكر.

وقال ابنُ النَّجَّار: أبو القاسم إمامُ المحدِّثين في وقته، انتهت إليه الرياسة مع الحِفْظ والإتقان والثِّقة والمَعْرفة التَّامَّة، وبه خُتِمَ هذا الشأن.

وقال مَعْمَر بن الفاخر في "مُعْجمه": أنبأنا أبو القاسم الدِّمَشْقي الحافظ بمِنى، وكان أحفظ مَنْ رأيتُ من طلبة الحديث والشُّبَّان، وكان شَيخُنا إسماعيل بن محمد الإمام يفضِّلُه على جميعِ منْ لقيناهم، قدِمَ أَصْبَهان، ونَزَل في داري، وما رأيتُ شابًّا أورعَ، ولا أحفظ، ولا أتقنَ منه، وكان مع ذلك فقيهًا أديبًا سُنِّيًا، جَزَاه الله خيرًا، وكَثَّرَ في الإسلام مثله، أفادني كثيرًا (٢)، سَأَلْتُه عن تأخُّره عن المجيء إلى أَصْبَهان، فقال: لم تأذنْ لي أُمي.

قال القاسم: توفِّيَ أبي في حادي عشر رجب سنة إحدى وسبْعين وخمس مئة، ورأوا له مَنَاماتٍ حَسَنَة، ورُثي بقصائد، وقَبْرُه يُزَار بباب الصَّغير (٣).

وفيها: توفِّي المُسْنِد أبو حنيفة محمدُ بنُ عبيد الله الخَطِيبي


(١) هو الحافظ المزي، وستأتي ترجمته برقم (١١٥٥) من هذا الكتاب.
(٢) في "تذكرة الحفاظ": ٤/ ١٣٣٣ "وإني كثيرًا"، وهو تصحيف.
(٣) مقبرة تقع جنوبي دمشق، سميت باسم الباب الصغير لأنَّها كانت تقابله، وهي من أكبر مقابر دمشق وأشهرها، وقبره فيها ظاهر معروف حتَّى اليوم.
انظر "خطط دمشق": ١١٦ للدكتور صلاح الدين المنجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>