للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأبو نَصْرٍ اليُونارتي، لكن إسماعيل بن محمد الحافظ كان أشهر، فقلتُ: فعلى هذا ما رأى سيِّدنا مِثْلَ نَفْسه. قال: لا تقل هذا، قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} (١) قلت: فقد قال: {وَأَمَّا بِنِعْمةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (٢) فقال: لو قال قائل: إنَّ عينيَّ لم تَرَ مِثْلي، لصَدَقَ.

ثم قال أبو المواهب: وأنا أقول: لم أَرَ مِثْلَه، ولا مَنِ اجتمع فيه ما اجتمع فيه من لُزوم طريقةٍ واحدة مُدَّة أربعين سنةً؛ من لزوم الصَّلَوات في الصَّفِّ الْأَوَّل إلَّا من عُذْر، والاعتكاف في رَمضان وعَشْر ذي الحِجَّة، وعدم التطلُّع إلى تحصيل الأملاك وبناء الدُّور، قد أسقط ذلك عن نَفْسه، وأعرضَ عن طَلَبِ المَناصب من الإمامة والخَطَابة، وأباها بَعْدَ أن عُرضَتْ عليه، وأَخْذِ نفسه بالأمر بالمعروف والنَّهْي عن المُنْكر، لا تأخذه في الله لومةُ لائم. قال لي: لما عَزَمْتُ على التحديث والله المطَّلع أنَّه ما حَملَني على ذلك حبُّ الرِّياسة والتقدُّم، بل قلت: متى أروي كلَّ ما سمِعْتُ؟ وأي فائدةٍ في كوني أُخلِّفُه صحائفَ؟ ! فاستخرتُ الله، واستَأذَنْتُ أعيان شيوخي ورؤساء البلد، وطُفْتُ عليهم، فكلُّهم قال: مَنْ أحق بهذا منك؟ فَشَرَعْتُ في ذلك سنة ثلاثٍ وثلاثين وخمس مئة.

وقال الحافظ عبد العظيم المُنْذِري: سألتُ شيخَنَا أبا الحسن علي بنَ المفضَّل الحافظ عن أربعة تعاصروا: أيهم أحفظ؟ فقال: مَنْ؟ قُلْتُ: الحافظ ابن ناصر وابن عساكر؟ فقال: ابن عساكر. فقلت: الحافظ أبو موسى المَدِيني وابن عساكر؟ قال: ابنُ عساكر. فقلت: الحافظ أبو طاهر السِّلَفي وابن عساكر؟ فقال: السِّلَفي شَيخُنا.


(١) سورة النجم: الآية ٣٢.
(٢) سورة الضحى: الآية ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>