للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

-كما ينبغي- في أماكنه؛ فاستولى به على أَمَدِ الإِحسان (١)، واحتوى به من السَّبْق ما لم يُدْركه في عَصْره إنسان، ولم يَقَعْ له أبدعِ من هذا التصنيف، ولا أبرع من هذا التأليف، وإن كان بما يضعه بصيرًا، وبالسَّبْق في كل ما يأتيه جديرًا، وهو أيضًا في حِفْظ اللُّغَة إمام، وله بأوزان القريض مَعْرفة وإلمام، فكنت أحرصُ على فوائده لأُحرز منها ما أُحرز، وأستفيد من حديثه الذي إن طال لم يملل، وإن أوجز وددت أنه لم يوجز.

وذكره الحافظ شمس الدِّين الذّهبي فقال: هو الإِمام الأوحد، العالم الحُجَّة، المأمون، شرَفُ المحدِّثين، عُمْدة النُّقاد، شيخُنا وصاحبُ مُعْضلاتنا، بارك الله في عُمُره وحَسَناته، ورفع في عِلِّيين درجاتِهِ، شَرَعَ في طلب الحديث وله عشرون سنة؛ فَسَمِعَ ورحل وبَرَعَ في فنون الحديث: معانيه ولُغَاته، وفقهه وعِلله، وصحيحه وسقيمه، ورجاله، فلم نَرَ مِثْلَه في معناه، ولا هو رأى مِثْلَ نَفْسه مع الإِتقان والصِّدْق، وحُسْن الخَطِّ والدِّيانة، وحُسْنِ الأخلاق، والسَّمْت الحسن، والهَدْي الصَّالح والتصون والخير، والاقتصاد في المعيشة واللِّباس، والملازمة للأشغال والسَّمَاع، مع العَقْل التَّام والرَّزَانة والفَهْم، وصِحَّةِ الإِدراك.

قال: وأما كتاب "تهذيب الكمال" الذي جمعه في أسماء الرجال فهو كتاب جامع كامل، عديم المِثْل، فارغ المؤنة (٢)، كلما ازداد فيه


(١) أي منتهى غاية الإِحسان.
(٢) كذا في الأصل، ولم أتبينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>