للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَسَنَ الفَهْم، سريعَ الإِدراك، يرُدُّ في الإِسناد والمتن ردًّا ينْبَهِرُ له فُضَلاءُ الحاضرين، وربما يكون في أثناء ذلك يطالع وينقل الطِّباق (١).

وقد ترافق هو وشيخنا العلامة أبو العَبَّاس (٢) كثيرًا في الطلب وسماع الحديث، وانتفع كلُّ واحدٍ منهما بالآخر.

وذكره الحافظ فتح الدين أبو الفتح بن سَيِّد النّاس اليَعْمَري (٣) فقال: ووجدتُ بدمشقَ من أهل هذا العِلْم الإِمام المقدَّم، والحافظ الذي فاق من تأَخَّر من أقرانه وتقدم أبا الحَجَّاج يوسف بن الزَّكي عبد الرحمن المِزِّي، بحر هذا العِلْم الزَّاخر، وحِبْره الذي يقول مَنْ رآه: كم ترك الأول للآخر، احفظ النَّاس للتَّراجم، وأعلمهم بالرُّواة من أعارب وأعاجم، لا يخصُّ معرفته مِصْرًا دون مِصْر، ولا ينفرد عِلْمُه بأهلِ عَصْر دون عَصْر، معتمدًا آثار السَّلف الصَّالح، مجتهدًا فيما نيط به في حِفْظ السُّنَّة من النَّصَائح (٤)، مُعْرضًا عن الدُّنيا وأسبابها، مقبلًا على طريقته التي أربى بها على أَرْبابها، لا يبالي ما ناله من الْأَزْل (٥)، ولا يخلط جِدَّه بشيءٍ من الهَزْل، وضع كتابه "تهذيب الكمال في أسماء الرِّجال" وضعًا استخرج به العِلْمَ من معادنه، واستنبطه من مكامنه، وأثبته


(١) مفردها طبقة، وهي شهادة يذكر فيها أسماء سامعي الدرس واسم كاتبها ويوقع الشيخ في آخرها، وتحفظ، وهي كسجل لأسماء الطلاب الذين قرؤوا الكتاب على الشيخ.
(٢) هو الإمام ابن تيمية، وستأتي ترجمته عقب هذه الترجمة.
(٣) انظر حاشيتنا رقم (١) ص ٢٣٦ من هذا الكتاب.
(٤) في "الدرر الكامنة": ٥/ ٢٣٥ "المصالح".
(٥) الضيق والشدة. "اللسان" (أزل).

<<  <  ج: ص:  >  >>