للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمل كتاب "الفضائل" وتكلَّم على تصحيح هذا الحديث.

قال: ورحل محمدٌ لمّا ترعرع من آمُل، وسمح له أبوه، وكان طولَ حياتِه يوجِّه إليه بالشيء إلى البلدان. قال لي: أبطأَتْ عني نفقةُ أبي حتّى بعتُ كمي قَميصي.

وذكر عبيد اللَّه (١) بنُ أحمد السَّمْسار: أنَّ ابنَ جَرير قال لأصحابِه: هل تَنْشَطُون لتاريخ العالم؟ قالوا: كم يَجيء؟ فذكر نحوًا من ثلاثينَ ألف ورقة، قالوا: هذا ممّا يُفني الأعمارَ قبل تمامه، فقال: إنا للَّه، ماتت الهِمَم، فأملاه في نحو ثلاثةِ آلافِ ورقة. ولمّا أراد أن يُمليَ "التفسير" قال لهم كذلك، ثم أملاه على نحوٍ من "التاريخ" (٢).

ولد ابنُ جَرير سنةَ أربعٍ وعشرين ومئتين.

وقال ابنُ كامل: تُوفي عشيَّةَ الأحد ليومين بقيا من شوّال سنةَ عشرٍ وثلاثِ مئة، ودُفن في داره برَحْبة يَعْقوب، ولم يغيِّر شيبَة، وكان السَّواد فيه كثيرًا، وكان أسمَر إلى الأُدْمَة، أعيَن، نحيفَ الجسم، طويلًا، فصيحًا، شيَّعَهُ منْ لا يُحصيهم إلَّا اللَّه، وصُلِّي على قبره عدَّةَ شهورٍ ليلًا ونهارًا. ورثاه خلقُ من أهل الأدب والدِّين، ومن ذلك قولُ أبي سعيد بنُ الْأعرابي:

حَدَثُ مُفْظِعٌ وخَطْبٌ جَلِيلٌ ... دَقَّ عَنْ مِثْلِهِ اصْطِبارُ الصَّبُورِ

قامَ ناعي العُلوم أَجْمَعِ لمّا ... قامَ ناعي محمدِ بنِ جَرِيرِ (٣)


(١) مثله في "تاريخ بعداد"، ووقع في "التذكرة": عبد الله.
(٢) تاريخ بغداد: ٢/ ١٦٣.
(٣) الخبر في "تاريخ بغداد" ٢/ ١٦٦، والبيتان من مرثية طويلة أورد الخطيب قسمًا منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>