تأليفه ... رغم ذلك فإن حيرة الغرياني دفعته إلى سلوك طريق المس من شخصية الدمشقي، والمنهج العلمي السليم في البحث لا يرتضي المس غير المبرر، فالدمشقي -في نظره- يشهد لنفسه عندما ينقل عن شيخه خبر ضياع كتابه، وإذا قبلنا شهادته انتفت عنه تهمة انتحال فروق شيخه كما قال في ص ٢٢.
ليس من الأدب مع أعلامنا المبادرة إلى اتهامهم، وليس من المنهج السليم رد أقوالهم بما عز لنا من تلك التهم الزائفة.
فهذا الدمشقي اشتهر بوطيد علاقته بشيخه وتأثره به، وولوعه بالفروق كان بفضل شيخه القاضي، وكلام الدمشقي وثيقة يعتمدها الباحث، ومن نقد هذه الوثيقة وردها لأنه رأى في كتاب الدمشقي فروقاً معزوة لشيخه ولغيره، يقال له: اعلم أن الطريقة السائدة في التأليف الفقهي كثيراً ما تعتمد النقل مع الإضافة، فلا ضير في نقل بعض فروق شيخه أو الفروق المتداولة، فهذا العلم مثل غيره من الفنون الفقهية أثري بتراكم المعلومات، وتناقل الفروع والأحكام والتعليل والتنظير، وكان من المألوف نسبة الكتاب المتضمن لكثير من نصوص السالفين والنقل عنهم إلى جامعه الذي له دور في التنسيق والتنظيم والبيان -إضافة إلى النقل والاستشهاد- مع الإضافة البارزة في كثير من الأحيان.
ألا ترون معنا أن كتابة مقدمات التحقيق تقتضي إلماماً بتاريخ علومنا الإسلامية ومعرفة بمناهج مؤلفيها، وبما كان معروفاً من طرق النقل وأساليب العرض والبيان.