للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وجرى هذا الخلاف في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: (البيعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه، ما لم يتفرقا ... ) (١).

ونقل الإمام القرافي عن بعض شيوخه أن التفريق بين التخفيف والتشديد هنا، كان (وجه المناسبة فيه أن كثرة الحروف عند العرب تقتضي كثرة المعنى أو زيادته أو قوته، والمعاني لطيفة، والأجسام كثيفة، فناسبها التشديد وناسب المعاني التخفيف) (٢). ولئن اطردت هذه القاعدة في قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} (٣). وقوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} (٤). فإنهما لم تصدق في قوله تعالى: {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} (٥). فخفف في البحر وهو جسم وكذلك في الآية السالفة: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} (٦).

ونقل الاسنوي عن الجوهري أن العرب تستعمل صيغة التخفيف (فرقت بين الشيئين فرقاً وفرقاناً) كما تستعمل صيغة التشديد (فرقت تفريقاً وتفرقة) ثم قال: يكون اللفظ المستعمل في المعاني الفقهية المخفف، إلا أن يقصد معني التكثير (٧).

ولاحظ محمد بن علي بن حسين المكي المالكي أن التمييز بين التخفيف وبين التشديد هنا هو الغالب في الاستعمال العربي، وأنه لا يكاد يسمع من


(١) مالك في الموطإ، كتاب البيوع، بيع الخيار، (الزرقاني على الموطإ: ٣/ ٣٢٠).
(٢) الفروق: ١/ ٤.
(٣) النساء: ١٣٠.
(٤) البقرة: ١٠٢.
(٥) البقرة: ٥٠.
(٦) المائدة: ٢٥.
(٧) مطالع الدقائق في تحرير الجوامع الفوارق، للإسنوي: ٣ / أ، مخطوط الأوقاف، ببغداد: ٣٩٥٩.

<<  <   >  >>