الأحكام، فقال:(كل فرق بين مسألتين مؤثر ما لم يغلب على الظن أن الجاء أظهر) واستدل بقول إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني (-٤٧٨): (لا يكتفى بالخيالات في الفروق، بل إن كان اجتماع مسألتين أظهر في الظن من افتراقهما وجب القضاء باجتماعهما، وإن انقدح فرق على بعد ... فافهموا ذلك فإنه من قواعد الدين)(١).
ويستفاد من ذلك أن الفروق التي يعتبرها الفقيه ويحتاج إلى معرفتها في الاستنباط، وإلى مراعاتها في المناظرات، هي التي تكون قريبة صحيحة، وأما البعيدة فلا تعتبر عند الاجتهاد ولا تراعى عند البحث والمناظرة لضعفها إزاء المعنى الجامع الذي غلب على ظن الفقيه أنه أظهر في مسألتين.
وقد تصدى العلماء الراسخون لمعارضة الفروق الغريبة البعيدة عن الصواب، ومن ذلك هذا الفرق الذي أعلنه بعض الأشياخ لا سئل (لِمَ لا تقضي الحائض الصلاة كما تقضي الصوم، وكلاهما فرض؟ فأجاب عن ذلك، قال: نعم، لأن حواء - رضي الله عنها. أتاها الحيض وهي في الصلاة فسألت آدم -عليه السلام- عن ذلك، فأوحى الله إليه أن مرها تترك الصلاة. ثم أتاها الحيض وهي صائمة، فتركت الصيام قياسًا على الصلاة، ولم تسأل عن ذلك، فأوحى الله إلى آدم أن مرها تقضي الصيام عقوبة لترك السؤال) وقد تولى أبو بكر بن العربي الرد على القائل بهذا الفرق، فذكر أن (هذه دعوى فارغة طويلة عريضة، لا برهان عليها ولا أثر ولا خبر، وهي من أعظم حجج أهل الظاهر في إبطال القياس).