للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ سَوَاءٌ أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ وَكَانَ خُلُوًّا أَوْ اتَّخَذَ السَّرَارِي فَلَا حُجَّةَ لَهَا بِذَلِكَ (قَالَ مَالِكٌ) وَإِذَا أَوْصَى الْأَبُ بِتَزْوِيجِ الْبِكْرِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَزِمَهَا مَا أَوْصَى بِهِ وَإِنْ كَرِهَتْ وَبَلَغَتْ

(قَالَ الشَّارِحُ) مِنْ إطْلَاقِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَأَمْثَالِهَا أَخَذَ أَهْلُ كُتُبِ الْأَحْكَامِ جَعْلَ الْإِجْبَارِ لِلْوَصِيِّ وَأَنَّ النَّصَّ عَلَيْهِ يَرْفَعُ حُكْمَ اخْتِلَافٍ إنْ وُجِدَ فِيهِ. اهـ

(وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) وَجَبَرَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ الزَّوْجَ وَإِلَّا فَخِلَافٌ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَ الْبِكْرَ الْبَالِغَ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَوَلِيُّهَا بِرَجُلٍ وَعَقَدَا لَهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا الْوَصِيِّ وَإِنْ اخْتَلَفُوا نَظَرَ السُّلْطَانُ (وَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ) الْوَصِيُّ أَوْلَى مِنْ الْوَلِيِّ وَيُشَاوَرُ الْوَلِيُّ وَيُزَوِّجُ الْوَلِيُّ الثَّيِّبَ بِرِضَاهَا وَإِنْ كَرِهَ الْوَصِيُّ وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَصِيُّ أَيْضًا بِرِضَاهَا جَاز وَإِنْ كَرِهَ الْوَلِيُّ وَلَيْسَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِيهَا وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُزَوِّجَ الطِّفْلَةَ قَبْلَ بُلُوغِهَا مِنْ قَاضٍ أَوْ وَصِيٍّ إلَّا الْأَبُ وَحْدَهُ اهـ مِنْ التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّ فِي الْبِكْرِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَلِيِّ وَأَمَّا فِي الثَّيِّبِ فَهُمَا سَوَاءٌ

وَحَيْثُمَا زَوَّجَ بِكْرًا غَيْرُ أَبْ ... فَمَعْ بُلُوغٍ بَعْدَ إثْبَاتِ السَّبَبْ

وَحَيْثُمَا الْعَقْدُ لِقَاضٍ وُلِّيَ ... فَمَعْ كُفْءٍ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ

يَعْنِي أَنَّ الْبِكْرَ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ الْأَبِ كَأَخِيهَا وَعَمِّهَا وَنَحْوِهِمَا كَالْوَصِيِّ إذَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْأَبُ الْإِجْبَارَ عَلَيْهَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ فَلَا يُزَوِّجُونَهَا إلَّا إذَا بَلَغَتْ وَثَبَتَ سَبَبُ تَزْوِيجِهِمْ لَهَا مِنْ كَوْنِهَا لَا أَب لَهَا أَوْ لَهَا أَبٌ مَفْقُودٌ أَوْ أَسِيرٌ فِي بَلَدٍ لِلْعَدُوِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُذْكَرُ أَمَّا اشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ فَلِأَنَّهَا لَا يُزَوِّجُهَا غَيْرُ الْأَبِ إلَّا بِرِضَاهَا وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَا غَيْرِ الْبَالِغِ وَأَمَّا ثُبُوتُ السَّبَبِ فَإِنَّ ذَاتَ الْأَبِ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهَا إلَّا لِسَبَبٍ كَمَا يُذْكَرُ قَرِيبًا وَلَا يَشْمَلُ قَوْلُهُ غَيْرَ الْأَبِ الْوَصِيَّ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْأَبُ الْإِجْبَارَ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ سَوَاءٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ إنْكَاحُهُ إيَّاهَا إلَّا عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ وَصِيًّا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ فَلِذَلِكَ يُنْسَخُ رَسْمُ الْإِيصَاءِ أَعْلَى الصَّدَاقِ وَالصَّدَاقُ أَسْفَلُ وَهَذَا أَوْلَى

وَبَعْضُهُمْ يَخْتَصِرُ وَيَقُولُ الْمُوَثِّقُ فِي رَسْمِ الصَّدَاقِ أَنْكَحَهُ إيَّاهَا الْوَصِيُّ عَلَيْهَا مِنْ قِبَلِ أَبِيهَا وَهُوَ فُلَانٌ حَسْبَمَا ذَلِكَ فِي عِلْمِ شَهِيدَيْهِ أَوْ بِشَهَادَةِ شَهِيدَيْهِ وَكَذَلِكَ إذَا عَقَدَ الْقَاضِي نِكَاحَ بِكْرٍ لِكَوْنِهَا لَا وَلِيَّ لَهَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا وَصِيَّ عَلَيْهَا وَلَا كَافِلَ أَوْ غَابَ أَبُوهَا غِيبَةً بَعِيدَةً كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ مِصْرَ فَلَا تُزَوَّجُ أَيْضًا إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ كَفَاءَةُ الزَّوْجِ لَهَا وَكَوْنُ مَا بَذَلَ لَهَا هُوَ صَدَاقَ مِثْلِهَا مِنْ مِثْلِهِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ غَيْرَ الْأَبِ الْقَاضِي وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَطْفِ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِرَفْعِ تَوَهُّمِ قُصُورِ الْحُكْمِ عَلَى وَلِيِّ النَّسَبِ وَالْوَصِيِّ وَصَرَّحَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ كَذَلِكَ وَلَمْ يُصَرِّحْ النَّاظِمُ بِاشْتِرَاطِ الْبُلُوغِ فِي إنْكَاحِ الْقَاضِي وَلَا بُدَّ مِنْهُ بَلْ هُوَ أَحْرَى بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ النَّسَبِ وَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَالَ فِي النَّوَادِرِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا رَفَعَتْ امْرَأَةٌ إلَى الْإِمَامِ أَمْرَهَا بِالتَّنَاكُحِ كَشَفَ عَنْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ زَوَّجَهَا بِرِضَاهَا إذَا دَعَتْ إلَى كُفْءٍ فِي الْحَالِ وَالْمَالِ وَالْقَدْرِ (وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) لَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَلَا لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِأَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ بِكْرًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ بِالْعُدُولِ أَنَّهَا يَتِيمَةٌ بِكْرٌ بَالِغٌ فِي سِنِّهَا خُلُوٌّ مِنْ زَوْجٍ وَفِي غَيْرِ عِدَّةٍ مِنْهُ، وَأَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا يَعْقِدُ نِكَاحَهَا فِي عِلْمِهِمْ وَأَنَّ الزَّوْجَ كُفْءٌ لَهَا فِي حَالِهِ وَمَالِهِ وَأَنَّ الَّذِي بَذَلَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ مَهْرُ مِثْلِهَا اهـ وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ النَّوَادِرِ وَمَا بَعْدُهُ عَلَى عَشَرَةِ أَسْبَابٍ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا وَلِيٌّ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ وَبِالصَّدَاقِ وَالزَّوْجُ كُفْءٌ لَهَا وَأَنَّ مَا بَذَلَ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ هُوَ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَأَنَّهَا يَتِيمَةٌ بِكْرٌ بَالِغٌ خُلُوٌّ مِنْ زَوْجٍ وَفِي غَيْرٍ عِدَّةٍ وَزَادَ الْجُزُولِيُّ كَوْنَهَا صَحِيحَةً بَالِغَةً غَيْرَ مُحْرِمَةٍ وَلَا مُحَرَّمَةٍ عَلَى الزَّوْجِ وَأَنَّهَا حُرَّةٌ.

(قَالَ الْحَطَّابُ) فَإِنْ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْ غَيْرِ إثْبَاتِ مَا ذُكِرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُوجِبُ فَسْخَهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَصًّا انْتَهَى

وَتَأْذَنُ الثَّيِّبُ بِالْإِفْصَاحِ ... وَالصَّمْتُ إذْنُ الْبِكْرِ فِي النِّكَاحِ

وَاسْتُنْطِقَتْ لِزَائِدٍ فِي الْعَقْدِ ... كَقَبْضِ عَرْضٍ وَكَزَوْجٍ عَبْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>