للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخِرِهَا وَالسَّبَبُ: النِّكَاحُ، وَالْوَلَاءُ.

(تَنْبِيهٌ) . بَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ سَبَبَانِ آخَرَانِ وَهُمَا: الْمِلْكُ، وَالْإِسْلَامُ فَأَمَّا الْمِلْكُ فَإِنَّ الْعَبْدَ عِنْدَنَا يَمْلِكُ وَلِذَلِكَ جَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَ بِالْمِلْكِ فَمَالُهُ مِلْكٌ لَهُ مَا لَمْ يَنْتَزِعْهُ السَّيِّدُ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَزِعَ السَّيِّدُ مَالَهُ فَقَدْ مَاتَ وَمَالُهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَيْسَ هُنَالِكَ وَجْهٌ يَأْخُذُ بِهِ السَّيِّدُ مَالَهُ سِوَى الْإِرْثِ وَلَا سَبَبَ لِلْإِرْثِ سِوَى الْمِلْكِ. وَأَمَّا الْإِسْلَامُ وَهُوَ: بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ وَارِثُ الْعَيْنِ عَلَى مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ وَلِهَذَا مُنِعَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ مُعَيَّنًا أَنْ يُوصِيَ بِكُلِّ مَالِهِ، وَوَلَايَتُهُ وَلَايَةٌ عَامَّةٌ وَهِيَ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ وَقَدْ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ شَاسٍ، وَغَيْرُهُمَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُتَوَفَّى وَارِثٌ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ وَرِثَهُ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ بِوَلَايَةِ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] .

وَنَعْنِي بِاَلَّذِي بَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ فِي هَذَا هُوَ عَدُّ وَلَايَةِ الْإِسْلَامِ مِنْ جُمْلَةِ أَسْبَابِ الْإِرْثِ، وَأَمَّا عَدُّ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ أَسْبَابِ الْإِرْثِ فَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ صَرِيحًا ثُمَّ ذَكَرَ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتِ الثَّانِي أَنَّ أَرْكَانَ الْإِرْثِ: الْمَالُ الْمَتْرُوكُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَمِقْدَارُ مَا يَرِثُهُ كُلُّ وَارِثٍ، وَمَعْرِفَةُ مَنْ يَرِثُ مِمَّنْ لَا يَرِثُ، وَأَرْكَانُ الْمَاهِيَّةِ هِيَ: أَجْزَاؤُهُ الَّتِي تَتَرَكَّبُ مِنْهَا، وَتَخْتَلُّ بِاخْتِلَالِ بَعْضِهَا وَلَا إشْكَالَ أَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَصِحُّ بِاجْتِمَاعِ هَذِهِ الْأَرْكَانِ وَمَهْمَا اخْتَلَّ وَاحِدٌ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ وَضَمِيرُ جَمِيعهَا لِلْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِرْثَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْبَابِ الثَّلَاثَةِ لَهُ أَرْكَانٌ ثَلَاثَةٌ لَا يَخْلُو عَنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ عَدَدِ الْوَارِثِينَ]

َ

ذُكُورُ مَنْ حَقَّ لَهُ الْمِيرَاثُ ... عَشَرَةٌ وَسَبْعٌ الْإِنَاثُ

الْأَبُ وَالْجَدُّ لَهُ وَإِنْ عَلَا ... مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ بِأُنْثَى فُصِلَا

وَالزَّوْجُ وَابْنٌ وَابْنُهُ هَبْ سَفَلَا ... كَذَاكَ مَوْلَى نِعْمَةٍ أَوْ بِوَلَا

وَالْأَخُ وَابْنُ الْأَخِ لَا لِلْأُمِّ ... وَالْعَمُّ لَا لِلْأُمِّ وَابْنُ الْعَمِّ

وَالْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ ثُمَّ الْبِنْتُ ... وَابْنَةُ الِابْنِ بَعْدَهَا وَالْأُخْتُ

وَجَدَّةٌ لِلْجِهَتَيْنِ مَا عَلَتْ ... مَا لَمْ تَكُنْ بِذَكَرٍ قَدْ فُصِلَتْ

كَذَاكَ مَوْلَاةٌ لَهَا الْعِتْقُ وَلَا ... حَقَّ لَهَا فِيمَا يَكُونُ بَالْوَلَا

وَبَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ يَسْتَقِلْ ... بِحَيْثُ لَا وَارِثَ أَوْ بِمَا فَضَلْ

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَدَدَ الْوَارِثِينَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ فَأَخْبَرَ أَنَّ عِدَّةَ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ يَعْنِي وَيَتَفَرَّعُونَ إلَى سِتَّةَ عَشَرَ كَمَا يَتَبَيَّنُ، وَإِنَّ عِدَّةَ النِّسَاءِ، سَبْعٌ وَيَتَفَرَّعْنَ إلَى عَشَرَةٍ فَجَعَلْتُهُمْ سِتَّةً وَعِشْرِينَ وَارِثًا فَالرِّجَالُ: الْأَبُ، وَالْجَدُّ لَهُ أَيْ لِلْأَبِ.

وَقَيَّدَهُ بِذَلِكَ لِيُخْرِجَ الْجَدَّ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ وَارِثٌ ثُمَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ فَقَالَ

مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ بِأُنْثَى فُصِلَا

أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْجَدُّ فُصِلَ عَنْ الْمَيِّتِ بِأُنْثَى وَهُوَ أَبُو الْأُمِّ، وَالزَّوْجُ، وَابْنٌ، وَابْنُ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ وَمَوْلَى النِّعْمَةِ وَهُوَ الَّذِي بَاشَرَ عِتْقَ الْمَمْلُوكِ بِنَفْسِهِ كَمَا قِيلَ

مَنْ بَاشَرَ الْعِتْقَ بِلَا وَاسِطَةِ ... هُوَ الَّذِي يُدْعَى بِمَوْلَى النِّعْمَةِ

وَمَوْلَى الْوَلَاءِ وَهُوَ: وَلَايَةُ مَا أَعْتَقَهُ غَيْرُكَ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَالْأَخُ يَعْنِي شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ وَابْنٌ لِأَخٍ يَعْنِي الشَّقِيقَ أَوْ لِأَبٍ فَلِذَلِكَ قَالَ لَا لِلْأُمِّ فَإِنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ، وَالْعَمُّ يَعْنِي أَيْضًا شَقِيقًا، أَوْ لِأَبٍ فَلِذَلِكَ زَادَ أَيْضًا لَا لِلْأُمِّ، وَابْنُ الْعَمِّ يَعْنِي شَقِيقًا، أَوْ لِأَبٍ لَا لِلْأُمِّ أَيْضًا وَلَمْ يَحْتَجْ لِتَقْيِيدِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَمُّ أَيْ أَخُو الْأَبِ لِلْأُمِّ لَا يَرِثُ فَأَحْرَى ابْنُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالنِّسَاءُ الْأُمُّ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْبِنْتُ، وَابْنَةُ الِابْنِ، وَالْأُخْتُ يَعْنِي شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ، أَوْ لِأُمٍّ وَالْجَدَّةُ أُمُّ الْأُمِّ، وَأُمُّ الْأَبِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: لِلْجِهَتَيْنِ يَعْنِي وَأُمَّهَاتُهُمَا وَإِنْ عَلَوْنَ وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ:

مَا لَمْ تَكُنْ بِذَكَرٍ قَدْ فُصِلَتْ

أُمُّ الْجَدِّ فَيَعْنِي بِذَكَرٍ مَا عَدَا الْأَبَ الْمُبَاشِرَ لِأَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ الْمَيِّتِ، وَجَدَّتِهِ، وَمَوْلَاةُ النِّعْمَةِ أَيْ الَّتِي بَاشَرَتْ الْعِتْقَ، وَلَا إرْثَ لَهَا فِيمَا أَعْتَقَهُ غَيْرُهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَلَا حَقَّ لَهَا فِيمَا يَكُونُ بِالْوَلَا فَهَؤُلَاءِ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ. وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَخُو الْجَدِّ، وَبَنُوهُ وَإِنْ سَفَلُوا وَلَا نَعْنِي بِأَخِ الْجَدِّ أَخَا الْجَدِّ الْمُبَاشِرَ فَقَطْ بَلْ هُوَ عَمُّ الْأَبِ، وَأَخُو الْجَدِّ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>