للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِصَاحِبِ الْيَدِ أَيْ: الْحَوْزُ.

(فَرْعٌ) قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ اتَّفَقَ الْخَصْمَانِ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَظًّا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ لَكِنَّهُمَا يَجْهَلَانِهِ، فَهَلْ يَكُونُ مُنْدَرِجًا تَحْتَ الْفِقْهِ الَّتِي تَضَمَّنَتْهُ الْأَبْيَاتُ؟ وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ فَأَجَابَ: أَمَّا الْقَاعِدَةُ الَّتِي جُهِلَ فِيهَا حَقُّ الْحَبْسِ وَقَدْرُهُ، وَقَدْرُ حَقِّ الْغَيْرِ، فَمَحْمَلُ الِاشْتِرَاكِ الْمَعْلُومِ مَعَ جَهْلِ الْمِقْدَارِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى التَّسْوِيَةِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ، قَالَ أَبُو فَرَجٍ اهـ: بِاخْتِصَارٍ. .

[بَابُ الْيَمِينِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

(ابْنُ عَرَفَةَ) وَالْيَمِينُ قَسَمٌ، أَوْ الْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقَرَابَةُ، أَوْ مَا يَلْزَمُ بِإِنْشَاءٍ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ اهـ فَقَوْلُهُ " قَسَمٌ " قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ مَا نَصُّهُ الْقَسَمُ مَصْدَرٌ لَيْسَ بِجَارٍ عَلَى فِعْلِهِ، وَقِيَاسُهُ الْإِقْسَامُ وَهُوَ فِي عُرْفِ النُّحَاةِ جُمْلَةٌ إنْشَائِيَّةٌ يُؤَكَّدُ بِهَا أُخْرَى، لَا عَلَى جِهَةِ التَّبَعِيَّةِ، وَبِالْقَيْدِ الْأَخِيرِ خَرَجَتْ الْإِنْشَائِيَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ نَحْوِ أَكْرِمْ زَيْدًا أَكْرِمْ زَيْدًا. اهـ (بَيَانُهُ) أَنَّ قَوْلَ الْقَائِل مَثَلًا: بِاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ، فَجُمْلَةُ بِاَللَّهِ الَّتِي تَقْدِيرُهَا أُقْسِمُ بِاَللَّهِ جُمْلَةٌ إنْشَائِيَّةٌ أُكِّدَتْ بِهَا الْأُخْرَى الَّتِي هِيَ لَأَفْعَلَنَّ.

وَقَوْلُهُ: " أَوْ الْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةَ " لَمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: " الْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ " النَّذْرُ كُلُّهُ عَلَى صَدَقَةِ دِينَارٍ مَثَلًا أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ: " غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ "؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالنَّذْرِ الْقُرْبَةُ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ وَذَلِكَ كَقَوْلِك: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْبَةَ الَّتِي هِيَ الْعِتْقُ، وَإِنَّمَا قَصَدَ الِامْتِنَاعَ مِنْ دُخُولِ الدَّارِ. وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ صِفَةُ " الْتِزَامٌ "، وَقَوْلُهُ: " أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ " قَوْلُهُ " أَوْ مَا يَجِبُ " عَطْفٌ عَلَى " الْتِزَامٌ " فَتَكُونُ أَقْسَامُ الْيَمِينِ ثَلَاثَةً، وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى " مَنْدُوبٌ " مَدْخُولٌ لِلِالْتِزَامِ، وَالْإِنْشَاءُ مَا يَقَعُ بِهِ مَدْلُولُهُ فَيَشْمَلُ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ وَثَوْبِي صَدَقَةٌ، فَأَخْرَجَ الصَّدَقَةَ وَنَحْوَهَا بِقَوْلِهِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ، وَلَفْظُ الْإِنْشَاءِ يَشْمَلُ الْمَنْدُوبَ كَأَنْتَ حُرٌّ، إلَّا أَنَّ هَذَا تَقَدَّمَ وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْيَمِينِ، " أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ " يَعْنِي مِمَّا لَيْسَ بِمَنْدُوبٍ لِئَلَّا يَتَدَاخَلَ مَعَ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْيَمِينِ. وَقَوْلُهُ: " مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ " مُعَلَّقٌ بِالْخَفْضِ صِفَةٌ لِإِنْشَاءٍ وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَقَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ الطَّلَاقُ يَجِبُ بِالْإِنْشَاءِ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ، وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِأَمْرٍ وَهُوَ دُخُولُ الدَّارِ، وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ الدُّخُولِ لَا الدُّخُولُ وَهَذَا الْحَدُّ هُوَ لِلْيَمِينِ مِنْ حَيْثُ هِيَ، وَالْمَقْصُودُ فِي التَّرْجَمَةِ إنَّمَا هِيَ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي تَجِبُ عَلَى الْخَصْمِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، كَمَا يَقُولُ بَعْدُ وَبِاَللَّهِ يَكُونُ الْحَلِفُ، وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ كَتَغْلِيظِهَا بِالْمَكَانِ، وَالزَّمَانِ فِي اللِّعَانِ، وَحَالَةِ الْحَلِفِ مِنْ قِيَامٍ وَاسْتِقْبَالٍ مَثَلًا، وَتَقْسِيمِ الْيَمِينِ وَمَا يُقْلَبُ مِنْهَا وَمَا لَا يُقْلَبُ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَأَعْلَى تُقْتَضَى ... فِي مَسْجِدِ الْجَمْعِ الْيَمِينُ بِالْقَضَا

وَمَا لَهُ بَالٌ فَفِيهِ تَخْرُجُ ... إلَيْهِ لَيْلًا غَيْرُ مَنْ تَبَرَّجُ

وَقَائِمًا مُسْتَقْبِلًا يَكُونُ ... مَنْ اُسْتُحِقَّتْ عِنْدَهُ الْيَمِينُ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ لَهُ يَمِينٌ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَقْتَضِيَهَا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ، وَيُقْضَى عَلَى الَّذِي تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ، اللَّهُمَّ إلَّا إذَا رَضِيَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِأَنْ يُحَلِّفَهُ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ فَلَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ إنْ كَانَ رَجُلًا فَلَا إشْكَالَ، وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً مِمَّنْ تَخْرُجُ نَهَارًا فَكَالرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِاللَّيْلِ خَرَجَتْ لَيْلًا وَحَلَفَتْ فِي الْجَامِعِ فِيمَا لَهُ بَالٌ مِنْ الْمَالِ، وَفَسَّرَهُ اللَّخْمِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>