للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِنَائِهِ وَمُنِعَ مِنْ الضَّرَرِ بِهِ، وَإِنْ رَفَعَ بُنْيَانَهُ. فَسَدَّ عَلَى جَارِهِ كُوَاهُ وَأَظْلَمَتْ أَبْوَابُ غُرَفِهِ وَكُوَاهَا وَمَنَعَهُ الشَّمْسَ أَنْ تُرْفَعَ فِي حُجْرَتِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ هَذَا الْبُنْيَانِ.

قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُمْنَعُ مِنْ ضَرَرِهِ مَنْعِ الضَّوْءِ وَالشَّمْسِ وَالرِّيحِ. اهـ (فَرْعٌ) إذَا كَانَ الْبُنْيَانُ يَحْبِسُ الرِّيحَ عَنْ الْأَنْدَرِ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الْبُنْيَانِ وُجِدَ عِنْدَهُ مَنْدُوحَةٌ أَمْ لَا. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَوْضِعٍ يُبْطِلُ بِهِ أَنْدَرَ رَجُلٍ قَدْ تَطَاوَلَ انْتِفَاعُهُ بِهِ وَدِرَاسَتُهُ فِيهِ. قَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَسَوَاءٌ احْتَاجَ صَاحِبُ الْبُنْيَانِ إلَى الْبُنْيَانِ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى جَارِهِ بُنْيَانًا يَضُرُّهُ فِي أَنْدَرِهِ. اهـ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ خَلِيلٌ حَيْثُ قَالَ: لَا مَانِعَ ضَوْءِ شَمْسٍ وَرِيحٍ إلَّا الْأَنْدَرَ قَالَ الشَّارِحُ: إذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورَ وَهُوَ مَنْعُ مَانِعِ الرِّيحِ عَنْ الْأَنْدَرِ فَمِثْلُهُ يَكُونُ الْحُكْمُ فِي مَانِعِ الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ نَظِيرُ الرِّيحِ عَنْ مَرْجٍ، فَصَارَ الَّذِي هُوَ نَظِيرُ الْأَنْدَرِ وَمِثْلُهُ نَشِيرُ الْعَصِيرِ وَمَرْبِدُ التَّمْرِ. (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ: فَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا بَعِيدَةً مِنْ بِئْرِ جَارِهِ فَانْقَطَعَ مَاءُ الْبِئْرِ الْأُولَى، وَعُلِمَ أَنَّ انْقِطَاعَهُ مِنْ أَجْلِ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ، فَقَالَ: إذَا عُلِمَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ، وَيَقْضِيَ عَلَيْهِ بِرَدْمِهَا، وَسَوَاءٌ حَفَرَهَا فِي الْوَسَطِ أَوْ فِي غَيْرِ الْوَسَطِ.

[فَصْلٌ فِي الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي]

وَغَاصِبٌ يَغْرَمُ مَا اسْتَغَلَّهُ ... مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَيَرُدُّ أَصْلَهُ

حَيْثُ يُرَى بِحَالِهِ فَإِنْ تَلِفْ ... قُوِّمَ وَالْمِثْلُ بِذِي مِثْلٍ أُلِفْ

(ابْنُ عَرَفَةَ)

الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ (الرَّصَّاعُ) قَوْلُهُ: أَخْذُ مَالٍ أَخْرَجَ غَيْرَ الْمَالِ كَأَخْذِ امْرَأَةٍ وَإِنْ أَطْلَقُوا عَلَيْهِ غَصْبًا فَلَيْسَ مَقْصُودًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ اصْطِلَاحًا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لُغَةً. (قُلْتُ) : اصْطِلَاحُهُمْ أَنْ يُعَبِّرُوا عَنْ ذَلِكَ بِالِاغْتِصَابِ كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ بَعْدَ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ. وَقَوْلُهُ: غَيْرِ مَنْفَعَةٍ أَخْرَجَ بِهِ التَّعَدِّيَ وَهُوَ أَخْذُ الْمَنَافِعِ كَسُكْنَى رَبْعٍ وَحَرْثِهِ؛ فَإِنَّهُ تَعَدٍّ وَلَيْسَ بِغَصْبٍ. وَقَوْلُهُ: ظُلْمًا أَخْرَجَ بِهِ أَخْذَهُ بِغَيْرِ بَاطِلٍ وَمَا ظَفِرَ بِهِ الْمَغْصُوبُ مِنْ مَالِهِ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ، وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَمَا يُنْتَزَعُ مِنْ الْعَبْدِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مُكَاتَبٍ عَجَزَ. وَقَوْلُهُ: قَهْرًا أَخْرَجَ بِهِ السَّرِقَةَ وَالنُّهْبَةَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْخِيَانَةِ، أَيْ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ ظُلْمًا لَكِنْ لَا قَهْرَ فِيهَا. وَقَوْلُهُ: لَا لِخَوْفِ قِتَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْحِرَابَةَ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْغِيلَةَ بِقَوْلِهِ قَهْرًا إذْ لَا قَهْرَ فِي الْغِيلَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>