للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَوَى عِيسَى وَأَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَهْدَى هَدِيَّةً لِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْهِدَايَةُ قَائِمَةٌ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا وَلَوْ عُثِرَ عَلَى فَسَادِ النِّكَاحِ بِفَسْخٍ فَمَا أَدْرَكَ مِنْهَا أَخَذَهُ وَمَا فَاتَ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ قَالَ عَنْهُ أَصْبَغُ وَلَوْ طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ وَشِبْهِ هَذَا فَهُوَ كَطَوْعِهِ بِالطَّلَاقِ، فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا أَهْدَى، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ.

(وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنْ بَعَثَ إلَى زَوْجَتِهِ مَتَاعًا وَحُلِيًّا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَوْلِيَاؤُهَا فَذَلِكَ عَلَى مَا أَشْهَدَ إنْ أَدْرَكَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ تَلِفَ وَلَمْ تَكُنْ عَلِمَتْ بِمَا أَشْهَدَ حَتَّى تَقْبَلَهُ عَلَى الْعَارِيَّةِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا (وَفِي النَّوَادِرِ أَيْضًا مِنْ الْوَاضِحَةِ) وَمَا أَهْدَى النَّاكِحُ مِنْ حُلِيٍّ، أَوْ ثِيَابٍ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَحْتَسِبَ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا سَمَّاهُ هَدِيَّةً وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ هَدِيَّةً حَلَفَ مَا أَرْسَلَهُ هَدِيَّةٌ وَمَا بَعَثَهُ إلَّا لِيُنْقِصَهُ مِنْ الصَّدَاقِ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ شَاءَتْ الزَّوْجَةُ قَاصَّتْهُ بِهِ، أَوْ رَدَّتْهُ وَقَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ ثَوَاب فِي الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا أَرَادَتْ بِذَلِكَ الثَّوَابَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ الْمُوسِرُ تَكُونُ لِامْرَأَتِهِ الْجَارِيَةُ الْفَارِهَةُ فَطَلَبهَا مِنْهَا فَتُعْطِيه إيَّاهَا لِتَسْتَغْزِرَ عَطِيَّتَهُ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ فِيمَا يَهَبُ لِزَوْجَتِهِ.

(وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) فَإِنْ لَمْ يُسَمِّ هَدِيَّةً وَلَا أَعْلَنَ بِهَا وَادَّعَى أَنَّهُ أَرْسَلَ لَهَا ثِيَابًا لِيُكَافَأ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى حَالِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الرِّجَالَ إنَّمَا يَهْدُونَ إلَى نِسَائِهِمْ لِيُكَافَئُوا عَلَى ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي الْبَلَدِ سِيرَةٌ بِالْمُكَافَأَةِ وَلَا رُئِيَ مِنْ الزَّوْجِ إنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ عَلَى طَلَبِ الْمُكَافَأَةِ وَلَا ذَكَرَ وَجْهًا غَيْرَ طَلَبِ الْمُكَافَأَةِ وَلَمْ يُرَ فِي وَقْتِ الْهَدِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى إرَادَتِهِ الَّتِي ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا قِيَامٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَشَرْطُ كِسْوَةٍ مِنْ الْمَحْظُورِ ... لِلزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ

يَعْنِي: أَنَّ اشْتِرَاطَ الزَّوْجِ عَلَى الزَّوْجَةِ كِسْوَةً لَهُ فِي نَفْسِ عَقْدِ النِّكَاحِ مَحْظُورُ وَمَمْنُوعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِافْتِرَاقِ أَحْكَامِهِمَا لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَايَسَةِ وَتَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ وَالنِّكَاحُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْهِبَةُ فَافْتَرَقَا فَإِذَا جُمِعَا لَمْ يَدْرِ مَا يَنُوبُ الْبُضْعَ وَلَا مَا يَنُوبُ الْكِسْوَةَ مَثَلًا مِمَّا أَعْطَى الزَّوْجُ فَمَآلُ ذَلِكَ إلَى الْجَهْلِ بِالصَّدَاقِ وَبِعِوَضِ الْكِسْوَةِ وَالْجَهْلُ فِي ذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَقِيلَ فِي وَجْهِ الْمَنْعِ أَيْضًا إنَّ الْكِسْوَةَ قَدْ تُسَاوِي مَا أَعْطَى الزَّوْجُ فَيَخْلُو الْبُضْعُ عَنْ الْعِوَضِ وَالْقَائِلُ بِهَذَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ فِيمَا أَعْطَى الزَّوْجُ فَضْلٌ كَثِيرٌ عَلَى مَا أَعْطَتْهُ الْمَرْأَةُ حِمَايَةً لِلذَّرَائِعِ فَيُخْشَى إنْ صَحَّ الْأَمْرُ مِنْ هَذَيْنِ أَنْ لَا يَصِحَّ مِنْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَثَبَتَ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَفُهِمَ عَنْ قَوْلِهِ وَشَرْطُ أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ إنْ كَانَ طَوْعًا بَعْدَ الْعَقْدِ وَلِلزَّوْجِ يَتَعَلَّقُ بِشَرْطِ

(قَالَ الشَّارِحُ) وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ سَلْمُونٍ تَقْرِيرُ الْعَمَلِ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَكَأَنَّهُ ارْتَكَبَ فِيهَا غَيْرَ الْمَشْهُورِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَتَقَدَّمَ نَحْوُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ

وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ بِالْإِمْتَاعِ فِي ... عُقْدَتِهِ وَهُوَ عَلَى الطَّوْعِ انْتَفَى

فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.

[فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الشُّوَارِ الْمُورَدِ بَيْتَ الْبِنَاءِ]

ِ

وَالْأَبُ إنْ أَوْرَدَ بَيْتَ مَنْ بَنَى ... بِبِنْتِهِ الْبِكْرِ شُوَارًا لِابْتِنَا

وَقَامَ يَدَّعِي إعَارَةً لِمَا ... زَادَ عَلَى نَقْدٍ إلَيْهِ سُلِّمَا

فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَهْ ... مَا لَمْ يَطُلْ بَعْدَ الْبِنَا فَوْق السَّنَهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>