للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَا يُمَثِّلُهُ]

ُ تُكُلِّمَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَهُوَ الَّذِي يَبِيعُ مَالَ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ وَكِيلًا لَهُ، وَعَلَى مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمَالِ الْغَيْرِ بِهِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَمِنْ اسْتِفَادَةِ الزَّوْجِ مَالَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ سَاكِنَةٌ، وَمِنْ حُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ لِقَسْمِ تَرِكَةِ مَدِينِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَهِيَ مِنْ التَّرَاجِمِ الَّتِي لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّيْخُ خَلِيلٍ وَإِنْ قَالَ فِي الْبُيُوعِ: وَمَلَكَ غَيْرُهُ عَلَى رِضَاهُ، فَفِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَ النَّاظِمُ مَا لَا يَخْفَى.

وَحَاضِرٌ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهْ ... بِمَجْلِسٍ فِيهِ السُّكُوتُ حَالُهْ

يَلْزَمُ ذَا الْبَيْعُ وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ ... بَاعَ لَهُ بِالْمِلْكِ أُعْطِيَ الثَّمَنْ

وَإِنْ يَكُنْ وَقْتُ الْمَبِيعِ بَائِعُهْ ... لِنَفْسِهِ ادَّعَاهُ وَهُوَ سَامِعُهْ

فَمَا لَهُ إنْ قَامَ أَيَّ حِينِ ... فِي ثَمَنٍ حَقٌّ وَلَا مَثْمُونِ

مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاضِرَ الْمَجْلِسِ عَقْدَ الْبَيْعِ. وَعَلَيْهِ تُكُلِّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ، أَوْ غَائِبًا عَنْهُ ثُمَّ بَلَغَهُ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَبْيَاتِ بَعْدَ هَذِهِ. وَفِي كُلٍّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِالْمِلْكِيَّةِ لِرَبِّ ذَلِكَ الشَّيْءِ، أَوْ يَدَّعِيَهُ لِنَفْسِهِ. فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا، فَلَا قِيَامَ لَهُ قَامَ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ مُدَّةً. وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ كَمَا يَأْتِي لِلْمُؤَلِّفِ وَأَشَارَ بِالْأَبْيَاتِ لِقَوْلِ ابْنِ هِشَامٍ فِي الْمُفِيدِ عَنْ الْمُسْتَخْرَجَةِ فِي الرَّجُلِ يُبَاعُ عَلَيْهِ مَالُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ فَلَا يُغَيِّرُ، وَلَا يُنْكِرُ، ثُمَّ أَرَادَ بَعْدَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ فِيهِ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ وَلَهُ أَخْذ الثَّمَنِ. قَالَ: وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: إذَا بَاعَهُ وَهُوَ يَنْسِبهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ وَهُوَ يَنْسِبُهُ إلَى نَفْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: إنَّمَا أَبِيعُ مَالِي، وَشَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ سَاكِتٌ لَا يُغَيِّرُ وَلَا يُنْكِرُ، ثُمَّ قَالَ يَطْلُبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ وَسُكُوتُهُ رِضًا مِنْهُ بِدَعْوَى الْبَائِعِ فِيهِ، وَإِقْرَارٌ مِنْهُ لَهُ بِالْمِلْكِ، أَوْ يَكُونُ أَرَادَ بِهِ الْمَكْرَ، وَالْخَدِيعَةَ كَمَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مَعَ الرَّعِيَّةِ لَا سُلْطَانَ لَهُ وَلَا مَقْدِرَةَ لَهُ عَلَى الْغَصْبِ اهـ وَهُوَ عَيْنُ مَا نَظَمَهُ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، مَعَ زِيَادَةِ تَقْيِيدِ سُكُوتِ هَذَا الَّذِي بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ بِعَدَمِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِسُكُوتِهِ وَلَهُ الْقِيَامُ فِي مَالِهِ. وَلَمَّا رَآهُ النَّاظِمُ ظَاهِرًا لَمْ يَحْتَجَّ لَهُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ هُنَا وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ بَعْدُ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْضُرْ حَيْثُ قَالَ: وَسَاكِنًا لِغَيْرِ عُذْرٍ مَانِعٍ وَالْمَسْأَلَتَانِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ. وَانْظُرْ قَوْلَهُ: وَشَرِيكُهُ، الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَصَاحِبُ الْمَالِ سَاكِتٌ إلَخْ وَكَانَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْبَائِعِ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ وَهَذَا هُوَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>