للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِانْتِفَاعُ بِهِ لِخَرَابِهِ أَوْ خَرَابِ مَوْضِعِهِ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ أَمَّا بَيْعُ غَيْرِ الْأُصُولِ فَقَالَ الْمُقْرِي فِي كُلِّيَّاتِهِ الْفِقْهِيَّةِ كُلُّ مَا سِوَى الْعَقَارِ إذَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ الَّتِي وُقِفَ لَهَا فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي مِثْلِهِ أَوْ يُعَانُ بِهِ فِيهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ.

وَنَحْوَهُ فِي الْمُقَرَّبِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا ضَعُفَ مِنْ الدَّوَابِّ الْمُحَبَّسَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْلَى مِنْ ثِيَابٍ وَأَمَّا مَنْعُ بَيْعِ الْأَصْلِ الْمُحَبَّسِ فَهُوَ الْمَشْهُورُ (ابْنُ عَرَفَةَ) عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا يُمْنَعُ بَيْعُ مَا خَرِبَ مِنْ رَبْعٍ حُبِّسَ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ الْجَهْمِ إنَّمَا لَمْ يُبَعْ الرَّبْعُ الْمُحَبَّسُ إذَا خَرِبَ لِأَنَّهُ يَجِدُ مَنْ يُصْلِحُهُ بِإِجَارَتِهِ سِنِينَ فَيَعُودُ كَمَا كَانَ (ابْنُ رُشْدٍ) وَفِيهَا الرَّبِيعَةُ أَنَّ الْإِمَامَ يَبِيعُ الرَّبْعَ إذَا رَأَى ذَلِكَ لِخَرَابِهِ وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْ ابْنِ الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ اهـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) وَقَدْ قِيلَ بِبَيْعِ مَا عُدِمَتْ مَنْفَعَتُهُ مِنْ ذَلِكَ فَأَفْتَى الْأُسْتَاذُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ الْحَفَّارُ بِبَيْعِ فَدَّانٍ مُحَبَّسٍ عَلَى مَصْرِفٍ مِنْ مَصَارِفِ الْبِرِّ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ فَدَّانٌ آخَرُ يُحَبَّسُ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهُ فِي الْمَصْرِفِ الَّذِي حُبِّسَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ الْكَثِيرُ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي هَذَا النَّحْوِ.

وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي أَرْضٍ مُحَبَّسَةٍ عُدِمَتْ مَنْفَعَتُهَا بِسَبَبِ ضَرَرِ جِيرَانٍ أَنْ تُبَاعَ وَيُعَوَّضُ بِثَمَنِهَا مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي الرَّبْعِ الْمُحَبَّسِ إذَا خَرِبَ وَبِكَوْنِ ذَلِكَ بِحُكْمِ الْقَاضِي بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ لُغَةً لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ الْحَفَّارُ وَبِمِثْلِ ذَلِكَ أَفْتَى الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ اهـ.

(ابْنُ عَرَفَةَ) وَفِي جَوَازِ الْمُنَاقَلَةِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ قَوْلُ الشَّيْخِ فِي رِسَالَتِهِ وَابْنُ شَعْبَانَ وَعِبَارَةُ الرِّسَالَةِ وَلَا يُبَاعُ فِي الْحَبْسِ وَإِنْ خَرِبَ ثُمَّ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِالرَّبْعِ الْخَرِبِ بِرَبْعٍ غَيْرِ خَرِبٍ.

(وَفِي الطُّرَرِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَوَاضِعِ الْمَسَاجِدِ الْخَرِبَةِ لِأَنَّهَا وَقْفٌ وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ نَقْضِهَا إذَا خِيفَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِلضَّرُورَةِ إلَى ذَلِكَ وَأَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَوَامِعَ خَرِبَتْ وَأَيِسَ مِنْ عِمَارَتِهَا بِدَفْعِ أَنْقَاضِهَا إلَى مَسَاجِدَ عَامِرَةٍ احْتَاجَتْ إلَيْهَا اهـ

وَلَا تُبَتُّ قِسْمَةٌ فِي حَبْسِ ... وَطَالِبُ قِسْمَةِ نَفْعٍ لَمْ يُسِي

يَعْنِي أَنَّ الْحَبْسَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمْ قِسْمَتَهُ فَأَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ وَلَا يَجُوزُ قَسْمَهُ قِسْمَةَ بَتٍّ اهـ.

(قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) قَالَ مُحَمَّد وَإِذَا دَعَا بَعْضُ أَهْلِ الْحَبْسِ إلَى قِسْمَتِهِ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ وَاعْتِمَارٍ وَأَبَى مِنْ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَذَلِكَ لِمَنْ دَعَا إلَى الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ مَا حُبِّسَ أَرْضًا بَيْضَاءَ وَإِنْ كَانَتْ أُصُولَ شَجَرٍ لَمْ تَجُزْ أَنْ تُقْسَمَ الْأُصُولُ وَإِنَّمَا يَقْتَسِمُونَ الْغَلَّةَ فِي أَوَانِهَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اقْتِسَامِ الْحَبْسِ اقْتِسَامَ اغْتِلَالٍ وَانْتِفَاعٍ فَكَرِهَهُ قَوْمٌ وَأَجَازَهُ آخَرُونَ وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ بِاقْتِسَامِهِ لِمَا فِي الْإِشَاعَةِ مِنْ التَّعْطِيلِ وَالتَّضْيِيعِ قَالَ الْقَاضِي فِي وَثَائِقِهِ يُرِيدُ قِسْمَةَ الْغَلَّةِ وَالْمَنْفَعَةِ لَا قِسْمَةَ الْأُصُولِ قَالَ وَبِذَلِكَ جَاوَبَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إذْ خَاطَبْته فِي قِسْمَةِ دَارٍ مُحَبَّسَةٍ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ فَقَالَ تُقْسَمُ قِسْمَةَ انْتِفَاعٍ وَلَا يُقْسَمُ الْبُنْيَانُ اهـ.

هَذَا كُلُّهُ فِيمَا كَانَ حَبْسًا كُلَّهُ، أَمَّا مَا كَانَ بَعْضُهُ حَبْسًا وَبَعْضُهُ مَمْلُوكًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَتُهُ قِسْمَةَ بَتٍّ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ حَبَّسَ جُزْءًا شَائِعًا وَلَمْ يَرْضَ بِشَرِيكِهِ شَرِكَةَ الْحَبْسِ وَكَانَ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ قِسْمَةِ مَا بَعْضُهُ مَمْلُوكٌ وَبَعْضُهُ حُبِّسَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[فَصْلٌ فِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

<<  <  ج: ص:  >  >>