للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّرَاهِمِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ حَالًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَيَسْتَرْجِعُ مِنْحَتَهُ، وَلَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ اللَّبَنِ الْمَجْهُولِ بِالطَّعَامِ أَوْ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ لَيْسَ يَدًا بِيَدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَعْرُوفٌ يَصْنَعُهُ الْمُعْطِي إلَى الْمُعْطَى، فَأُرْخِصَ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَيُجَانِسُ ذَلِكَ الْعَرِيَّةَ اهـ.

وَهَذَا الْحُكْمُ يَجْرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْإِخْدَامِ، فَتَكُونُ نَفَقَةُ الْمُخْدِمِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَيَجُوزُ لِسَيِّدِهِ شِرَاءُ خِدْمَتِهِ مِنْ الْمُخْدَمِ

[فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ]

(فَصْلٌ فِي الْإِرْفَاقِ)

إرْفَاقُ جَارٍ حَسَنٌ لِلْجَارِ ... بِمَسْقًى أَوْ طَرِيقٍ أَوْ جِدَارِ

وَالْحَدُّ فِي ذَلِكَ إنْ حُدَّ اُقْتُفِيَ ... وَعُدَّ فِي إطْلَاقِهِ كَالسَّلَفِ

تَقَدَّمَ أَنَّ الْإِرْفَاقَ هُوَ مَنَافِعُ تَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ وَأَخْبَرَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ إرْفَاقَ الْجَارِ لِجَارِهِ حَسَنٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ التَّسَامُحِ بِهِ وَهُوَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّذِي بُعِثَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِتَتْمِيمِهَا، وَذَلِكَ كَأَنْ يُعْطِيَهُ مَسْقًى أَيْ مَوْضِعًا لِلسَّقْيِ يُوصَلُ مِنْهُ الْمَاءُ لِسَقْيِ حَائِطِهِ أَوْ شُرْبِ دَارِهِ مَثَلًا، أَوْ يُعْطِيهِ طَرِيقًا فِي أَرْضِهِ لِيَتَوَصَّلَ مِنْهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ، أَوْ يُعْطِيهِ جِدَارًا يَغْرِزُ فِيهِ خَشَبَةً، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْمَرَافِقِ، فَإِنْ حُدَّتْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ بِزَمَانٍ، عَمِلَ عَلَى ذَلِكَ وَوَقَفَ عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ تُحَدَّ، فَإِنَّهُ كَالسَّلَفِ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَرْكِ الْمِرْفَقِ مِقْدَارَ مَا يَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَحْسُنُ بَيْنَ الْجِيرَانِ أَنْ يَرْفُقَ إلَيْهِ.

(قَالَ فِي الْمَنْهَجِ السَّالِكِ) : وَالْمَرَافِقُ مَنْدُوبٌ إلَى بَذْلِهَا وَالْمُسَامَحَةُ فِيهَا، فَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَأَلَهُ جَارُهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ، أَنْ يُجِيبَهُ إلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى وَشَحَّ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِهِ فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ (وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ فَإِنْ كَانَ الْمُرْفِقُ احْتَاجَ إلَى حَائِطِهِ حَاجَةً مُؤَكَّدَةً كَانَ ذَلِكَ لَهُ، إذَا كَانَ قَدْ مَضَى مِنْ الزَّمَانِ قَدْرُ مَا يَرَى أَنَّهُ انْتَفَعَ الْمُرْتَفِقُ بِالتَّعْلِيقِ (تَنْبِيهٌ) لَفْظُ " مَسْقَى " فِي النَّظْمِ هُوَ عَلَى وَزْنِ مَفْعَلٍ مُعْتَلِّ اللَّامِ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا تَدَاخُلٌ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَصْدَرُ أَيْ أَرْفَقَهُ بِالسَّقْيِ بِمَا يَفْضُلُ عَنْهُ مِنْ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ لَهُ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الْمَكَانُ أَيْ بِمَكَانٍ وَمَوْضِعٍ يُوصِلُ مِنْهُ الْمَاءَ لِدَارِهِ أَوْ حَائِطِهِ كَمَا قُلْنَا أَوَّلًا، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ الزَّمَانُ كَأَنْ يَكُونَ حَقُّهُ أَنَّهُ يَسْقِي مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إلَى الزَّوَالِ فَأَرْفَقَهُ بِالسَّقْيِ إلَى الْعَصْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>