للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرُهُ الْمُكَايَسَةُ مُسْتَثْنًى مِنْ كَرَاهَةِ ابْتِيَاعِ الصَّدَقَةِ اهـ.

فَضَمِيرُ " بَيْعُهَا " لِلْعُمْرَى " وَمُسَوَّغٌ " بِفَتْحِ الْوَاوِ اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ سَوَّغَهُ الشَّارِعُ وَجَوَّزَهُ " وَالْمُعْمَرُ " بِالْفَتْحِ يَتَعَلَّقُ بِمُسَوَّغٍ أَيْ يَسُوغُ لِلْمُعْمَرِ بَيْعُ الْعُمْرَى وَالْمُشْتَرِي لَهَا هُوَ الْمُعْمِرُ بِالْكَسْرِ أَوْ وَارِثُهُ

وَغَلَّةٌ لِلْحَيَوَانِ إنْ تُهَبْ ... فَمِنْحَةٌ تُدْعَى وَلَيْسَتْ تُجْتَنَبْ

وَخِدْمَةُ الْعَبْدِ هِيَ الْإِخْدَامُ ... وَالْحَوْزُ فِيهِمَا لَهُ الْتِزَامُ

حَيَاةَ مُخْدَمٍ أَوْ الْمَمْنُوحِ ... أَوْ أَمَدًا عُيِّنَ بِالتَّصْرِيحِ

قَالَ الْإِمَامُ الْحَطَّابُ فِي تَأْلِيفِهِ الْمُسَمَّى بِتَحْرِيرِ الْكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الِالْتِزَامِ: مَا نَصُّهُ الْبَابُ الْأَوَّلُ: وَفِي الِالْتِزَامِ الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ وَهُوَ إلْزَامُ الشَّخْصِ نَفْسَهُ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ عَلَى شَيْءٍ، فَدَخَلَ فِي ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ وَالْحَبْسُ وَالْعَارِيَّةُ وَالْعُمْرَى وَالْعَرِيَّةُ وَالْمِنْحَةُ وَالْإِرْفَاقُ وَالْإِخْدَامُ وَالْإِسْكَانُ وَالنَّذْرُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُعَلَّقٍ وَالضَّمَانُ وَالِالْتِزَامُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَعْنِي بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْحَقَائِقِ

وَإِنَّمَا هُوَ بِأُمُورٍ اعْتِبَارِيَّةٍ اعْتَبَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي كُلِّ بَابٍ فَخَصُّوا الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ بِتَمْلِيكِ الرِّقَابِ، وَجَعَلُوا الْأُولَى: فِيمَا كَانَ لِقَصْدِ الثَّوَابِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى خَاصَّةً، وَالثَّانِيَةَ: فِيمَا كَانَ لِقَصْدِ ثَوَابٍ مِنْ الْمُعْطِي أَوْ لِوَجْهِ الْمُعْطَى لِصَدَاقَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَخَصَّ الْحَبْسَ وَمَا بَعْدَهُ إلَى الْإِسْكَانِ بِإِعْطَاءِ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّأْبِيدِ، فَهُوَ الْحَبْسُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُدَّةَ حَيَاةِ الْمُعْطَى، فَهُوَ الْعُمْرَى، وَإِنْ كَانَ مُحَدَّدًا بِمُدَّةٍ أَوْ غَيْرَ مُحَدَّدٍ فَهُوَ الْعَارِيَّةُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي عَقَارٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِسْكَانُ.

وَإِنْ كَانَ فِي ثَمَرَةٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْعَرِيَّةُ، وَإِنْ كَانَ فِي غَلَّةِ حَيَوَانٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْمِنْحَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي خِدْمَةِ عَبْدٍ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِخْدَامُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَنَافِعَ تَتَعَلَّقُ بِالْعَقَارِ أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِرْفَاقُ، وَخَصُّوا الضَّمَانَ بِالْتِزَامِ الدَّيْنِ لِمَنْ هُوَ لَهُ، أَوْ الْتِزَامِ إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ لِمَنْ هُوَ لَهُ، وَخَصُّوا النَّذْرَ الْمُطْلَقَ بِالْتِزَامِ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِنِيَّةِ الْقُرْبَةِ، وَالِالْتِزَامَ الْأَخَصَّ بِمَا كَانَ بِلَفْظِ الِالْتِزَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَيُخْرِجُ الْعِدَةَ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ لِأَنَّهَا الْتِزَامٌ فِيهَا اهـ.

وَفِيهِ بَيَانُ الِاصْطِلَاحِ فِي مُسَمَّى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَأَخْبَرَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ هِبَةَ غَلَّةِ الْحَيَوَانِ كَالرُّكُوبِ وَاللَّبَنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ تُسَمَّى مِنْحَةً، وَهِيَ جَائِزَةٌ أَوْ مَنْدُوبَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَا يُجْتَنَبُ، وَأَنَّ هِبَةَ خِدْمَةِ الْعَبْدِ تُسَمَّى الْإِخْدَامَ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ طُولَ حَيَاةِ الْمَمْنُوحِ أَوْ الْمُخْدَمِ أَوْ تَوْفِيَتِهِ بِأَجَلٍ مَحْدُودٍ مِنْ الْمُعْطِي، وَلَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ الْحَوْزِ عَلَى قَاعِدَةِ كُلُّ مَا يُعْطَى بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَحَوْزُهُمَا بِحَوْزِ الْحَيَوَانِ الْمَمْنُوحِ غَلَّتُهُ، وَحَوْزِ الْعَبْدِ الْمَبْذُولِ خِدْمَتُهُ (قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) : وَالْمِنْحَةُ هِيَ هِبَةُ غَلَّةِ الْحَيَوَانِ، وَالْإِخْدَامُ. هِبَةُ خِدْمَةِ الْعَبْدِ

قَالَ: وَلَا بُدَّ مِنْ الْحِيَازَةِ فِي الْمِنْحَةِ وَالْإِخْدَامِ، وَإِلَّا بَطَلَا، وَفِي (الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) ، فَإِنْ مَاتَ الْمُخْدَمُ وَالْخِدْمَةُ لِأَمَدٍ مَعْلُومٍ وَرِثَ وَرَثَةُ الَّذِي لَهُ الْخِدْمَةُ بَقِيَّةَ الْأَمَدِ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْخِدْمَةُ حَيَاةَ الْمُخْدَمِ لَمْ يَرِثْ وَرَثَتُهُ ذَلِكَ عَنْهُ، وَرَجَعَ الْعَبْدُ إلَى رَبِّهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَهُ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فِيهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: حَيَاةَ مُخْدَمٍ بِالنَّصْبِ ظَرْفٌ لِلْإِخْدَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَمْنُوحِ: عَطْفٌ عَلَى مُخْدَمٍ مَدْخُولٍ لِحَيَاةٍ أَيْ حَيَاةِ الْمَمْنُوحِ: ظَرْفٌ لِمِنْحَةٍ وَقَوْلُهُ: وَأَمَدًا: بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى " حَيَاةَ "

وَأُجْرَةُ الرَّاعِي لِمَا قَدْ مَنَحَا ... عَلَى الَّذِي بِمَنْحِهِ قَدْ سَمَحَا

وَجَائِزٌ لِمَانِحٍ فِيهَا الشِّرَا ... بِمَا يَرَى نَاجِزًا أَوْ مُؤَخَّرًا

يَعْنِي أَنَّ أُجْرَةَ الرَّاعِي الَّذِي يَرْعَى الْحَيَوَانَ الْمَمْنُوحَ غَلَّتُهُ تَكُونُ عَلَى الْمَانِحِ الَّذِي سَمَحَ بِهِبَتِهَا لَا عَلَى الْمَمْنُوحِ، وَيَجُوزُ لِلْمَانِحِ شِرَاءُ مِنْحَتِهِ مِنْ الْمَمْنُوحِ بِمَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ نَاجِزٍ، أَوْ مُؤَخَّرٍ كَمَا سَبَقَ فِي الْعُمْرَى (قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) وَالرِّعَايَةُ: عَلَى رَبِّ الْمِنْحَةِ وَلِصَاحِبِ الْمِنْحَةِ أَنْ يَبْتَاعَهَا مِنْ الْمَمْنُوحِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ حَالًا، وَيَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ مِنْحَتِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الدَّنَانِيرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>