للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ. وَأَمَّا إذَا سُمِّيَ بِغَيْرِ اسْمِهِ فَإِنَّ لِمَنْ تَظَلَّمَ الْقِيَامُ فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ؟ فَبَاعَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ الْبَيْعِ، جَهِلَهُ الْمُبْتَاعُ، أَوْ عَلِمَهُ، كَمَا لَوْ سَمَّى يَاقُوتًا فَأَلْفَى زُجَاجًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْبَيْعِ، وَإِلَى هَذَا الْوَجْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَمَا يُبَاعُ أَنَّهُ يَاقُوتَهْ

إلَخْ وَإِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يُرَدَّ بِغَلَطٍ إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ. فَأَشَارَ إلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ. وَإِلَى الثَّانِي بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَإِنَّهُ إنْ سُمِّيَ بِغَيْرِ اسْمِهِ يُرَدُّ الْبَيْعُ (الْمَوَّاقُ) قَالَ مَالِكٌ مَنْ بَاعَ قَمِيصًا، ثُمَّ قَالَ مُشْتَرِيهِ: هُوَ خَزٌّ.

فَقَالَ الْبَائِعُ: مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ خَزٌّ لَوْ عَلِمْتُهُ مَا بِعْتُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ: هُوَ لِلْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ، وَلَوْ شَاءَ تَثَبَّتَ قَبْلَ بَيْعِهِ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ حَجَرًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ ثُمَّ هُوَ يَاقُوتَةٌ تَبْلُغُ مَالًا كَثِيرًا، أَيْ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرَدُّ هَذَا الْبَيْعُ. ابْنُ رُشْدٍ.

هَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا سُمِّيَ الشَّيْءُ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا إذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعَ: " أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ " فَتُوجَدُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ، أَوْ يَقُولُ: " أَبِيعُكَ هَذِهِ الزُّجَاجَةَ " ثُمَّ يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي وَأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ اُنْظُرْهُ آخِرَ بُيُوعِ الْقَبَّابِ اهـ.

(وَاعْلَمْ) أَنَّ الْغَبْنَ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ فَهَذَا حُكْمُهُ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ الْجَهْلِ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ مَعَ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ فَهُوَ الَّذِي يَأْتِي لِلنَّاظِمِ فِي فَصْلِ الْغَبْنِ حَيْثُ قَالَ:

وَمَنْ بِغَبْنٍ فِي مَبِيعٍ قَامَا

الْأَبْيَاتُ الثَّلَاثَةُ (الْمَوَّاقُ) وَدَعْوَى جَهْلِ الْبَيْعِ رَاجِعٌ لِدَعْوَى الْفَسَادِ وَجَعْلُ الْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ ذَلِكَ مِنْ دَعْوَى الْغَبْنِ لَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ]

ِ

الْبَيْعُ لِلطَّعَامِ بِالطَّعَامِ ... دُونَ تَنَاجُزٍ مِنْ الْحَرَامِ

وَالْبَيْعُ لِلصِّنْفِ بِصِنْفِهِ وَرَدْ ... مِثْلًا بِمِثْلٍ مُقْتَضًى يَدًا بِيَدْ

وَالْبَيْعُ لِلطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ ... مُمْتَنِعٌ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَرْضِ

وَالْجِنْسُ بِالْجِنْسِ تَفَاضُلًا مُنِعْ ... حَيْثُ اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ يَجْتَمِعْ

وَغَيْرُ مُقْتَاتٍ وَلَا مُدَّخَر ... يَجُوزُ مَعَ تَفَاضُلٍ كَالْخُضَرِ

وَفِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ بِالْإِطْلَاقِ ... جَازَ مَعَ الْإِنْجَازِ بِاتِّفَاقِ

تَعَرَّضَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ لِحُكْمِ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الطَّعَامَ عَلَى قِسْمَيْنِ رِبَوِيٌّ وَهُوَ الْمُقْتَاتُ الْمُدَّخَرُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا وَنُسِبَ لِلرِّبَا لِدُخُولِهِ فِيهِ أَعْنِي رِبَا الْفَضْلِ الَّذِي هُوَ الزِّيَادَةُ وَرِبَا النَّسَاءِ الَّذِي هُوَ التَّأْخِيرُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُقْتَاتًا أَنَّهُ تَقُومُ بِهِ الْبُنْيَةُ أَيْ عِنْدَهُ لَا بِهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ مُدَّخَرًا أَيْ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِطُولِ الزَّمَانِ عَلَيْهِ إلَّا الطُّولُ الْكَثِيرُ (قَالَ ابْنُ نَاجِي) (وَلَا حَدَّ لِلِادِّخَارِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا يُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ) وَحَكَى الشَّاذِلِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ فِيهِ فِي بَعْضِ الْمَجَالِسِ أَنَّ حَدَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ.

وَغَيْرُ رِبَوِيٍّ كَالْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ وَهُوَ مَا اخْتَلَّ فِيهِ الْقَيْدَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مُقْتَاتٍ وَلَا مُدَّخَرٍ كَالتُّفَّاحِ، وَالْإِجَّاصِ. أَوْ مُقْتَاتًا غَيْرَ مُدَّخَرٍ كَاللِّفْتِ أَوْ مُدَّخَرًا غَيْرَ مُقْتَاتٍ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالضَّابِطُ فِي حُكْمِ ذَلِكَ الطَّعَامُ إذَا بِيعَ بِطَعَامٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ تَأْخِيرٌ سَوَاءٌ بِيعَ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ رِبَوِيٌّ أَوْ غَيْرُ رِبَوِيٍّ أَوْ أَحَدُهُمَا رِبَوِيٌّ دُونَ الْآخَرِ لَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ أَصْلًا وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

الْبَيْعُ لِلطَّعَامِ بِالطَّعَامِ ... دُونَ تَنَاجُزٍ مِنْ الْحَرَامِ

وَأَمَّا رِبَا الْفَضْلِ وَهُوَ كَوْنُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْجِنْسُ بِجِنْسِهِ وَهُمَا رِبَوِيَّانِ كَالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ فَيَحْرُمُ الْفَضْلُ وَهُوَ الزِّيَادَةُ وَلَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَالْجِنْسُ بِالْجِنْسِ تَفَاضُلًا مُنِعْ ... حَيْثُ اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ يَجْتَمِعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>