للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَالْمُسْتَهْلِكُ لَهُ عَلَى صِفَةِ ذَلِكَ الْمُسْتَهْلَكِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ الْمُسْتَهْلِكَ يُغَرَّمُ مِثْلَهُ فِي الْوَصْفِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَصْفِهِ فَوَصَفَهُ مَالِكُهُ بِأَحْسَنَ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ مُسْتَهْلِكُهُ فَإِنَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا وَصَفَهُ بِهِ الْمُسْتَهْلِكُ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَصْفِهِ بِهِ، وَهَذَا إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ: " وَالْوَصْفُ مِنْ مُسْتَهْلِكٍ " إلَى قَوْلِهِ " إتْيَانُهُ بِمُشْبِهٍ "، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى فِي صِفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مَا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَصْفِ وَالْيَمِينِ وَعَلَيْهِ بَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الشَّيْءِ الْمُسْتَهْلَكِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَيْضًا، وَحُكْمُهُ كَمَا يَذْكُرُهُ النَّاظِمُ فِيمَا إذَا جَهِلَ الْمُسْتَهْلِكُ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ.

(قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ) : مَنْ غَصَبَ أَمَةً، وَادَّعَى هَلَاكَهَا، وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَإِلَّا صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي الصِّفَةِ مَعَ يَمِينِهِ اهـ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَلَى قَوْلِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ، وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ، وَنَعْتِهِ، وَقَدْرِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: " صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ " يَعْنِي إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّاظِمُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ وَالنُّكُولِ قَوْلُهُ: " وَإِنْ لِجَهْلٍ أَوْ نُكُولٍ إلَخْ. . . " لَمَّا ذَكَرَ: أَنَّ الْمُسْتَهْلِكَ هُوَ الَّذِي يَصِفُ الشَّيْءَ الْمُسْتَهْلَكَ مَعَ يَمِينِهِ ذَكَرَ هُنَا: أَنَّهُ إذَا ادَّعَى جَهْلَ صِفَتِهِ، أَوْ عِلْمَهَا، وَوَصَفَهُ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الشَّيْءِ الْمُسْتَهْلَكِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى أَيْضًا بِمَا يُشْبِهُ، فَقَوْلُهُ: " وَالْوَصْفُ " مُبْتَدَأٌ، أَوْ " لِمَا تَلِفْ " يَتَعَلَّقُ بِهِ " فِي يَدِهِ " يَتَعَلَّقُ بِ " تَلِفْ "، وَالضَّمِيرُ لِلْأَجِيرِ لِتَقَدُّمِهِ فِي أَوَّلِ الْبَيْتَيْنِ قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْأَجِيرِ قَدْ يَصِفُ أَيْضًا مَا اسْتَهْلَكَهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَوَّلَ شَرْحِ الْأَبْيَاتِ فَمَفْهُومُهُ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ " وَمِنْ مُسْتَهْلِكٍ " خَبَرُ الْوَصْفِ وَكَأَنَّهُ أَوْقَعَ الظَّاهِرَ مَوْقِعَ الضَّمِيرِ لِأَنَّ الْمُسْتَهْلِكَ هُوَ الْأَجِيرُ أَيْ وَالْوَصْفُ لِمَا تَلِفَ فِي يَدِ الْأَجِيرِ يَكُونُ مِنْهُ، وَجُمْلَةُ " يُقْضَى بِهِ " خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، وَبَعْدَ الْحَلِفِ يَتَعَلَّقُ بِيَقْضِي، وَضَمِيرُ شَرْطِهِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَوْنِ الْوَصْفِ مِنْ الْمُسْتَهْلِكِ، وَ " لِجَهْلٍ " يَتَعَلَّقُ بِيَنْتَهِي، وَفَاعِلُ يَنْتَهِي يَعُودُ عَلَى الْمُسْتَهْلِكِ بِالْكَسْرِ، وَمَعْنَى " يَنْتَهِي " لِجَهْلٍ أَوْ نُكُولٍ أَيْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا، وَالْمُرَادُ بِخَصْمِهِ رَبُّ الشَّيْءِ الْمُسْتَهْلَكِ وَ " فِي وَصْفِهِ " يَتَعَلَّقُ بِ " قَوْلُ " الثَّانِي وَ " مُسْتَهْلَكًا " بِفَتْحِ اللَّامِ مَفْعُولُ " وَصْفِ " وَ " بِمُشْبِهٍ " يَتَعَلَّقُ بِوَصْفِهِ وَمَعَ حَلِفِهِ حَالُ " قَوْلُ " الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَكُلُّ مَنْ ضُمِّنَ شَيْئًا أَتْلَفَهْ ... فَهْوَ مُطَالَبٌ بِهِ أَنْ يُخْلِفَهْ

وَفِي ذَوَاتِ الْمِثْلِ مِثْلٌ يَجِبُ ... وَقِيمَةٌ فِي غَيْرِهِ تُسْتَوْجَبُ

لَمَّا عَيَّنَ الْوَاصِفَ لِلشَّيْءِ الْمُسْتَهْلَكِ ذَكَرَ هُنَا مَا يَضْمَنُهُ الْمُسْتَهْلِكُ بَعْدَ الْوَصْفِ وَالْيَمِينِ فَأَخْبَرَ هُنَا أَنَّ كُلَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِإِتْلَافِهِ فَإِنَّهُ مُطَالَبٌ بِإِخْلَافِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُتْلَفُ بِالْفَتْحِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ (فِي الْمَعُونَةِ) إذَا أَتْلَفَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْئًا لَزِمَهُ بَدَلُ الْمُتْلَفِ إلَى صَاحِبِهِ وَالْبَدَلُ نَوْعَانِ مِثْلٌ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ، وَمِثْلٌ مِنْ طَرِيقِ الْقِيمَةِ، فَاَلَّذِي مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ وَالصُّورَةِ وَهُوَ كُلُّ مَا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ لَزِمَهُ رَدُّ مِثْلِهِ لَا قِيمَتِهِ وَذَلِكَ كَالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ، وَالْحَدِيدِ، وَالصُّفْرِ، وَالنُّحَاسِ، وَالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَسَائِرِ الْمَأْكُولَاتِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمِثْلِ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الْحُكْمِ وَالِاجْتِهَادُ فِي تَعْدِيلِهَا بِالْمُتْلَفِ وَالْمِثْلُ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ لَا اجْتِهَادَ فِيهِ فَكَانَ ذَلِكَ كَالِاجْتِهَادِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ فَأَمَّا مَا لَا يُكَالُ، وَلَا يُوزَنُ كَالثِّيَابِ، وَسَائِرِ الْعُرُوضِ، وَالرَّقِيقِ، وَالْحَيَوَانِ فَيَلْزَمُهُ بِإِتْلَافِهِ قِيمَتَهُ دُونَ مِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ خِلَافًا لِمَنْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يُكَالُ، وَلَا يُوزَنُ فَالْغَرَضُ مِنْهُ عَيْنُهُ دُونَ مِثْلِهِ، فَوَجَبَ فِيهِ قِيمَةُ الْعَيْنِ، وَمَا يُكَالُ، أَوْ يُوزَنُ الْغَرَضُ مَبْلَغُهُ فِيهِ مِثْلُهُ لَا قِيمَتُهُ

[فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ]

(فَصْلٌ فِي الْجُعْلِ) (ابْنُ عَرَفَةَ) الْجُعْلُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>