للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُقْتَضَى فَأَشْهَبُ لَا يُجِيزُهُ، وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ جَائِزٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوَّلِهِ، وَآخِرِهِ فِي الْعَنَاءِ فِي اقْتِضَائِهِ، وَأَمَّا الْحَصَادُ، وَالْجِذَاذُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي جَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ فِيهِ عَلَى الْجُزْءِ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: جُذَّ مِنْ نَخْلِي مَا شِئْت، أَوْ: اُحْصُدْ مِنْ زَرْعِي مَا شِئْت عَلَى أَنَّ لَك مِنْ كُلِّ مَا تَحْصُدُ، أَوْ تَجُذُّ جُزْءًا اهـ.

(قَالَ الشَّارِحُ) : " مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ وَالْمُعَلِّمِ عَلَى وَجْهَيْنِ فَإِنْ ضَرَبَا أَجَلًا، فَهِيَ إجَارَةٌ، وَإِنْ عَلَّقَاهُ بِالْبُرْءِ أَوْ الْحِفْظِ لِلْقُرْآنِ، أَوْ لِبَعْضِهِ، فَهُوَ جُعْلٌ.

وَاسْتَشْكَلَهُ الشَّارِحُ لِأَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْجَاعِلِ فِيمَا لَمْ يَتِمَّ مِنْهُ فَائِدَةٌ حَتَّى مَنَعُوا حَفْرَ الْبِئْرِ فِي الدَّارِ مُجَاعَلَةً لِئَلَّا يَتْرُكَ الْمَجْعُولُ لَهُ الْعَمَلَ، فَيَبْقَى الْبِئْرُ لِصَاحِبِ الدَّارِ مِرْحَاضًا وَالطَّبِيبُ قَدْ يَتْرُكُ فِي نِصْفِ الْبُرْءِ، أَوْ بَعْدَ أَنْ يُشْرِفَ عَلَى الْبُرْءِ، فَيَكُونُ قَدْ انْتَفَعَ الْعَلِيلُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ ذَهَابِ عِلَّتِهِ، وَلَا يَدْفَعُ شَيْئًا، وَالصَّبِيُّ قَدْ يَحْفَظُ بَعْضَ الْقُرْآنِ، فَيَنْتَفِعُ بِذَلِكَ إنْ تَرَكَ الْمَجْعُولُ لَهُ الْعَمَلَ، فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ مَجَّانًا، وَيَنْتَفِعُ الْجَاعِلُ وَانْفَصَلَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الْمَنْفَعَةِ لِلْجَاعِلِ خِلَافًا فَمَنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ مَنَعَ مُشَارَطَتَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْجُعْلِ، وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَجَازَهَا هَذَا حَاصِلُ مَا قَالَ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي الْمُسَاقَاةِ]

ِ الْمُسَاقَاةُ مُفَاعَلَةٌ مَنْ السَّقْيِ فَتُكْتَبُ بِالْهَاءِ وَمَا قَبْلَهَا مُحَرَّكٌ فِي الْأَصْلِ وَيُنْصَبُ بِالْفَتْحَةِ لِأَنَّهُ مُفْرَدٌ (نَقَلَ الرَّصَّاعِ) فِي شَرْحِ الْحُدُودِ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ اسْتِعْمَالُ رَجُلٍ رَجُلًا فِي نَحْلٍ أَوْ كَرْمٍ يَقُومُ بِإِصْلَاحِهِمَا لِيَكُونَ لَهُ سَهْمٌ مَعْلُومٌ مَنْ غَلَّتِهِمَا قَالَ وَهَذَا قَرِيبٌ مَنْ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنَّ فِيهِ قُصُورًا عَنْهَا فَإِنَّهَا أَعَمُّ أَيْ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَيَكُونُ فِي الشَّرْحِ تَعْمِيمٌ لِمَا خَصَّصَهُ فِي اللُّغَةِ قَالَ وَوَقَعَ فِي لَفْظِ عِيَاضٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهَا مَشَقَّةٌ مَنْ السَّقْيِ لِلثَّمَرَةِ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ عَمَلِهَا وَأَصْلُ مَنْفَعَتِهَا.

وَقَالَ الشَّيْخُ عَقْدٌ عَلَى عَمَلِ مُؤْنَةِ النَّبَاتِ بِقَدْرٍ لَا مِنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ لَا بِلَفْظِ بَيْعٍ أَوْ أَجَارَةٍ أَوْ جَعْلٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ قَوْلُهَا لَا بَأْسَ بِالْمُسَاقَاةِ عَلَى أَنَّ كُلَّ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ وَمُسَاقَاةُ الْبَعْلِ قَوْلُهُ عَلَى عَمَلِ مُؤْنَةٍ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى حِفْظِ مَالٍ أَوْ التَّجْرِبَةِ وَقَوْلُهُ مُؤْنَةُ النَّبَاتِ أَخْرَجَ بِهِ مُؤْنَةَ الْمَالِ وَعَمَّ النَّبَاتَ لِيَشْمَلَ مَا كَانَ سَقْيًا أَوْ بَعْلًا وَقَوْلُهُ بِقَدْرِ مَعْنَاهُ بِعِوَضٍ وَقَوْلُهُ لَا مَنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ رَأْي بِعِوَضٍ مَنْ غَلَّتِهِ لَا مَنْ غَيْرِ غَلَّتِهِ (عِيَاضٌ) لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ قَالَ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى عَمَلِ حَائِطِي أَوْ سَقْيِهِ بِنِصْفِ ثَمَرَتِهِ أَوْ رُبْعِهَا لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَهَا مُسَاقَاةً (ابْنُ شَاسٍ) الْمُسَاقَاةُ سُنَّةٌ عَلَى حِيَالِهَا مُسْتَثْنَاهُ مَنْ الْمُخَابَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَوْ بِالْجُزْءِ وَمِنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ وَالْإِجَارَةِ بِهَا قَبْلَ طِيبِهَا وَقَبْلَ وُجُودِهَا وَمِنْ الْإِجَارَةِ بِالْمَجْهُولِ وَبِالْغَرَرِ

إنَّ الْمُسَاقَاةَ عَلَى الْمُخْتَارِ ... لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ فِي الْأَشْجَارِ

وَالزَّرْعِ لَمْ يَيْبَسْ وَقَدْ تَحَقَّقَا ... قِيلَ مَعَ الْعَجْزِ وَقِيلَ مُطْلَقَا

وَأَلْحَقُوا الْمَقَاثِي بِالزَّرْعِ وَمَا ... كَالْوَرْدِ وَالْقُطْنِ عَلَى مَا قُدِّمَا

أَخْبَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ الْمُسَاقَاةَ الَّتِي هِيَ الْعَقْدُ عَلَى عَمَلِ النَّبَاتِ مِنْ سَقْيٍ وَغَيْرِهِ عَقْدٌ لَازِمٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَمَلِ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ فِي ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْمُخْتَارِ أَنَّهَا مُنْحَلَّةٌ غَيْرُ لَازِمَةٍ إلَّا بِالشُّرُوعِ وَتَقَدَّمَ فِي نَظْمِ ابْنِ غَازِيٍّ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرَ النَّاظِمُ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ مِنْ اللُّزُومُ وَتَجُوزُ فِي الْأَشْجَارِ سَوَاءٌ عَجَزَ رَبُّهَا عَنْ سَقْيِهَا أَوْ عِلَاجِهَا أَوْ لَا فَقَوْلُهُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>