للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ]

ِ

وَحَيْثُمَا اخْتَلَفَ بَائِعٌ وَمَنْ ... مِنْهُ اشْتَرَى إنْ كَانَ فِي قَدْرِ الثَّمَنْ

وَلَمْ يَفُتْ مَا بِيعَ فَالْفَسْخُ إذَا ... مَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا قَدْ أُنْفِذَا

وَالْبَدْءُ بِالْبَائِعِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي ... فِي الْأَخْذِ وَالْيَمِينِ ذُو تَخَيُّرِ

ثُمَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ الرِّضَا ... وَقِيلَ إنْ تَحَالَفَا الْفَسْخُ مَضَى

وَقِيلَ لَا يُحْتَاجُ فِي الْفَسْخِ إلَى ... حُكْمٍ وَسَحْنُونٌ لَهُ قَدْ نَقَلَا

ذُكِرَ فِي هَذَا الْفَصْلِ حُكْمُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، إمَّا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ، أَوْ فِي جِنْسِهِ، أَوْ فِي الْأَجَلِ، أَوْ فِي انْقِضَائِهِ، أَوْ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَثْمُونِ، أَوْ فِي الْبَتِّ وَالْخِيَارِ، أَوْ فِي الصِّحَّةِ، وَالْفَسَادِ، أَوْ فِي بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُهُ لَهُ عَقْدُ الْبَيْعِ. أَشَارَ بِالْأَبْيَاتِ إلَى أَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ، وَعَدَمِ فَوَاتِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، وَيُفْسَخُ بَيْعُهُمَا. وَكَذَلِكَ يُفْسَخُ إنْ نَكَلَا مَعًا عَنْ الْيَمِينِ. وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَأَشَارَ لِكَيْفِيَّةِ تَحَالُفِهِمَا بِقَوْلِهِ: وَالْبَدْءُ بِالْبَائِعِ، وَالْبَيْتُ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ بِثَمَانِيَةٍ، فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْتَ فَخُذْهُ بِالْعَشَرَةِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِهَا فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا حَلَفَ أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى بِثَمَانِيَةٍ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.

وَكَذَا يُفْسَخُ إنْ نَكَلَا مَعًا عَنْ الْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَمَامِ تَحَالُفِهِمَا؟ أَوْ حَتَّى يَحْكُمَ الْقَاضِي بِالْفَسْخِ؟ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ إذَا رَجَعَ أَحَدُهُمَا لِقَوْلِ صَاحِبِهِ بَعْدَ التَّحَالُفِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَعَلَى تَوَقُّفِ الْفَسْخِ عَلَى الْحُكْمِ، مَنْ رَجَعَ لَزِمَ الْبَيْعُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

ثُمَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَعْدَ الرِّضَا

أَيْ بَعْدَ التَّحَالُفِ عَلَى عَدَمِ تَوَقُّفِ الْفَسْخِ عَلَى الْحُكْمِ لَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا لِوُقُوعِ الْفَسْخِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَقِيلَ إنْ تَحَالَفَا، الْفَسْخُ مَضَى

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَحْتَاجُ، الْبَيْتَ فَهُوَ فِي الْمَعْنَى تَعْلِيلٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي وَكَأَنَّهُ يَقُولُ: وَجْهُ مُضِيِّ الْفَسْخِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ، كَوْنُ الْفَسْخِ لَا يَفْتَقِرُ لِحُكْمِ حَاكِمٍ.

وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ: إذْ قِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَخْ، لَكَانَ، أَبَيْنَ وَأَحْسَنُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ مَبْنَاهُمَا احْتِيَاجُ فَسْخِهِ إلَى الْبَيْتِ أَيْ مَبْنَى الْقَوْلَيْنِ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ لِمَنْ رَجَعَ، وَعَدَمِ لُزُومِهِ احْتِيَاجُ الْفَسْخِ إلَى الْحُكْمِ أَيْ وَعَدَمُ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ سَحْنُونٌ وَتَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ

وَالْفَسْخُ مِنْ بَعْدِ اللِّعَانِ مَاضِي ... دُونَ طَلَاقٍ وَبِحُكْمِ الْقَاضِي

وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي فَصْلِ تَدَاعِي الزَّوْجَيْنِ:

وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى النِّكَاحِ ... فَفِي الْأَصَحِّ الرَّفْعُ لِلْجُنَاحِ

أَيْ تَرَاضَيَا عَلَى النِّكَاحِ بَعْدَ حَلْفِهِمَا بِنَاءً عَلَى افْتِقَارِ الْفَسْخِ لِلْحُكْمِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ افْتِقَارِهِ لَهُ

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) : وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَوَّلًا، ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ مِمَّا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، أَوْ يَحْلِفُ عَلَى مَا قَالَ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُبْتَاعُ أَخْذَهَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفَسْخِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ فَذَلِكَ لَهُ. (قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ) : وَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْفَسْخِ أَنْ يُلْزِمَهَا الْمُبْتَاعَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَذَلِكَ لَهُ، وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: بِتَمَامِ التَّحَالُفِ يَقَعُ الْفَسْخُ كَاللِّعَانِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ أَوَّلًا عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ، وَاسْتَحَقَّ سِلْعَتَهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُبْتَاعُ أَيْضًا انْفَسَخَتْ الصَّفْقَةُ بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ

وَقَوْلُ الْمُتَيْطِيِّ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا يُرِيدُ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهَا وَالْغَيْبَةِ عَلَيْهَا، وَلَمْ تَفُتْ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ، وَهِيَ الَّتِي اعْتَمَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>