للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْغَائِبِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَائِزٌ، فَإِنْ شُرِطَ فِي الْعَقَارِ وَشِبْهِهِ جَازَ، وَإِنْ بَعُدَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (التَّوْضِيحُ) ، وَنَقَلَ الْبَاجِيُّ عَنْ أَشَهَبَ مَنْعَ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ مَعَ الْبُعْدِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ عَلَى الْمَذْهَبِ إذَا لَمْ يَشْتَرِهَا عَلَى صِفَةِ صَاحِبِهَا، كَذَا رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا بِيعَ الْعَقَارُ جُزَافًا، وَأَمَّا إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً، فَلَا يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهِ، وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ اهـ. فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ فِي اشْتِرَاطِ النَّقْدِ هُوَ لِأَشْهَبَ فِي الْبَعِيدِ، وَأَمَّا كَوْنُ ضَمَانِ الْعَقَارِ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الَّذِي حَكَاهُ النَّاسُ أَنَّ مَالِكًا إنَّمَا قَالَ: أَوَّلًا الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ عَلَى الْبَائِعِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْعَكْسِ أَنَّهُ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ هَلْ الْقَوْلَانِ فِي الرِّبَاعِ، أَوْ الرِّبَاعُ مِنْ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا طَرِيقَانِ اهـ. (وَفِي الْمَوَّاقِ) عَنْ الْمُدَوَّنَةِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّبْعِ وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْعَقَارِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَإِنَّ بَعُدَتْ اهـ.

وَالْأَجْنَبِيُّ جَائِزٌ مِنْهُ الشِّرَا ... مُلْتَزِمَ الْعُهْدَةِ فِيمَا يُشْتَرَى

مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا، فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا، أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي بَاعَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَالِكُ لِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ، وَلَا إشْكَالَ، أَوْ كَانَ نَائِبًا وَوَكِيلًا عَنْ مَالِكِهِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ عُهْدَتُهُ عَلَى الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنَّ مُتَوَلِّيَ الْبَيْعِ نَائِبٌ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ.

وَتَكُونُ عُهْدَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ وَرَدِّهِ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا رَضِيتُ أَنْ تَكُونَ عُهْدَتِي عَلَيْك يَا مُتَوَلِّيَ الْبَيْعِ لِمُلَائِكَ وَلَا أَرْضَى أَنْ تَكُونَ عَلَى الْمَنُوبِ عَنْهُ لِعُسْرِهِ وَقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ وَمَحَلُّ هَذَا التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَرْضَ هَذَا الْوَكِيلُ بِكَوْنِ الْعُهْدَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ الْتَزَمَ كَوْنَهَا عَلَيْهِ فَلَا حُجَّةَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ، وَهَذَا مَقْصُودُ النَّاظِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ فِي الْبَيْتِ وَكِيلُ الْمَالِكِ لِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ النَّائِبُ هُوَ عَنْهُ فَهُوَ بَائِعٌ وَسَمَّاهُ أَجْنَبِيًّا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَالِكٍ لِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ، يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ الشَّيْءَ مِنْ النَّائِبِ عَنْ مَالِكِ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَعَنْهُ عَبَّرَ بِالْأَجْنَبِيِّ، يَعْنِي وَتَكُونُ عُهْدَةُ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقُ عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِكَوْنِهِ وَكِيلًا وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ الْمَالِكُ لِلشَّيْءِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَلَا إشْكَالَ وَفِي إمْضَائِهِ وَتَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمَالِكِ لَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ.

وَمَحَلُّ هَذَا التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الْعُهْدَةَ فَإِنْ الْتَزَمَهَا فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا مُرَادُ النَّاظِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " فَالْأَجْنَبِيُّ " فِي الْبَيْتِ مُبْتَدَأٌ " وَجَائِزٌ " خَبَرُهُ وَلَوْ قَالَ لَازِمٌ لَكَانَ أَبَيْنَ " وَالشِّرَا " فَاعِلٌ لِجَائِزٍ وَمِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِالشِّرَاءِ وَضَمِيرُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ " وَمُلْتَزِمَ " حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِمِنْ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) آخِرَ الْكَلَامِ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَإِذَا صَرَّحَ الْوَكِيلُ، أَوْ عَلِمَ فَالْعُهْدَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَا نَصُّهُ. فَرْعٌ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ الْمَبِيعَ لِغَيْرِ الْمُتَوَلِّي فَخَيَّرَهُ مَالِكٌ، فِي الرَّدِّ، أَوْ التَّمَاسُكِ عَلَى أَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَى الْآمِرِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الرَّسُولُ أَنْ يَكْتُبَهَا عَلَى نَفْسِهِ، فَلَا حُجَّةَ لِلْمُشْتَرِي (ابْنُ الْمَوَّازِ) ، وَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ اهـ.

وَإِنَّمَا قَيَّدَ ابْنُ الْمَوَّازِ الْمَسْأَلَةَ بِثُبُوتِ كَوْنِ الْمَبِيعِ لِغَيْرِ الْبَائِعِ؛ لِكَوْنِهِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، يُتَّهَمُ الْبَائِعُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَالِكَ لِلْمَبِيعِ لَكِنْ حَصَلَ لَهُ نَدَمٌ، فَادَّعَى أَنَّ الشَّيْءَ لِغَيْرِهِ لَعَلَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْضَى، وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ وَوَجَدَ الشَّارِحُ فِي مَعْنَى الْبَيْتِ وَجْهَيْنِ بِسَبَبِ احْتِمَالِ لَفْظِ الشِّرَاءِ لِمَعْنَاهُ الْمُتَبَادِرِ عُرْفًا، وَلِكَوْنِهِ بِمَعْنَى بَاعَ عَلَى حَدِّ {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} [يوسف: ٢٠] ، أَيْ بَاعُوهُ وَالْأَجْنَبِيُّ مُشْتَرٍ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ عِنْدَهُ لَا بَائِعٌ، كَمَا قَرَّرْنَا، وَالْمَعْنَى عَلَى مَا قَالَ إنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَنُوبَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الشِّرَاءِ، وَيَلْتَزِمَ لَهُ عُهْدَةَ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَإِنَّهُ إنْ حَصَلَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ، وَلَمْ يَدْعَمْ ذَلِكَ بِنَقْلٍ فَتَطْلُبَ نَصَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ الْعُرُوضِ مِنْ الثِّيَابِ وَسَائِرِ السِّلَعِ]

ِ

بَيْعُ الْعُرُوضِ بِالْعُرُوضِ إنْ قُصِدْ ... تَعَاوُضٌ وَحُكْمُهُ بَعْدُ يَرِدْ

الْعَرْضُ فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ: هُوَ مَا عَدَا الْعَيْنِ وَالطَّعَامِ مِنْ الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا وَأَخْبَرَ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>