للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَفْقُودِينَ]

َ جَمَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مِنْهُمْ مَنْ يُفْقَدُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفْقَدُ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا؛ إمَّا فِي غَيْرِ حَرْبٍ، أَوْ فِي حَرْبٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ حُكْمٌ يَخُصُّهُ، ثُمَّ قَالَ

وَحُكْمُ مَفْقُودٍ بِأَرْضِ الْكُفْرِ ... فِي غَيْرِ حَرْبٍ حُكْمُ مَنْ فِي الْأَسْرِ

تَعْمِيرُهُ فِي الْمَالِ وَالطَّلَاقُ ... مُمْتَنِعٌ مَا بَقِيَ الْإِنْفَاقُ

وَكُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ حَرِيّ ... بِأَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ كَالْمُعْسِرِ

الْمَفْقُودُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَيُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ. خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ: الْأَسِيرُ الَّذِي عُلِمَ خَبَرُهُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَيُمْكِنُ الْكَشْفُ عَنْهُ: الْمَحْبُوسُ الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ الْكَشْفُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْمَفْقُودِ وَالْحَدُّ شَامِلٌ لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَالَهُ الرَّصَّاعُ

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَفْقُودَ؛ إمَّا أَنْ يُفْقَدَ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ، أَوْ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَبَدَأَ النَّاظِمُ بِاَلَّذِي يُفْقَدُ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ وَسَيَقُولُ

وَمَنْ بِأَرْضِ الْمُسْلِمِينَ يُفْتَقَدْ

إلَخْ وَقَسَّمَ الْمَفْقُودَ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ إلَى مَنْ فُقِدَ فِي غَيْرِ حَرْبٍ وَعَلَيْهِ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بِاعْتِبَارِ زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ وَأَدْمَجَ مَعَهُ حُكْمَ الْأَسِيرِ الْمَجْهُولِ الْحَيَاةِ بِاعْتِبَارِ زَوْجَتِهِ وَمَالِهِ أَيْضًا فَأَخْبَرَ أَنَّ حُكْمَ الْمَفْقُودِ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ فِي غَيْرِ حَرْبٍ حُكْمُ الْأَسِيرِ، أَيْ الَّذِي لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُ مِنْ مَوْتِهِ، وَحُكْمُهُ أَنَّ الْمَالَ لَا يُوَرَّثُ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ مِنْ السِّنِينَ مَا لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهِ.

وَكَذَا لَا تَتَزَوَّجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِ التَّعْمِيرِ وَالْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، فَكَذَلِكَ الْمَفْقُودُ بِأَرْضِ الْكُفْرِ فِي غَيْرِ حَرْبٍ لَا يُوَرَّثُ مَالُهُ وَلَا تَتَزَوَّجُ زَوْجَتُهُ إلَّا بَعْدَ التَّعْمِيرِ فَقَوْلُهُ وَالطَّلَاقُ مُمْتَنِعٌ، يَعْنِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمَفْقُودِ وَالْأَسِيرِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ مَا دَامَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ بِالْإِعْسَارِ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ

وَكُلُّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَالٌ حَرِيّ

الْبَيْتَ فَهُوَ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ.

قَوْلِهِ

مُمْتَنِعٌ مَا بَقِيَ الْإِنْفَاقُ

إلَّا أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ مَا بَقِيَ الْإِنْفَاقُ أَنَّهُ مَهْمَا كَانَ عِنْدَهُ مَا تُنْفِقُ مِنْهُ، فَلَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ فَتُنْفِقُ مِنْ مَالِهِ وَلَا تَتَزَوَّجُ، وَلَوْ طَالَتْ السُّنُونَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ، أَمَّا إذَا انْقَضَى أَجَلُ التَّعْمِيرِ، وَحُكِمَ بِمَوْتِهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا حِينَئِذٍ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَلَا نَفَقَةَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا، وَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ عِدَّةِ الْوَفَاةِ تَبْتَدِئُهَا مِنْ غَدِ يَوْمِ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ.

(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ، فَإِنْ كَانَ لِامْرَأَتِهِ شَرْطٌ فِي الْمَغِيبِ، طَوْعًا أَوْ كَرْهًا، فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا بِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا شَرْطٌ وَلَا خَلَفَ لَهَا نَفَقَةً قَامَتْ بِعَدَمِهَا وَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ كَمَا تَطْلُقُ عَلَى الْحَاضِرِ، فَإِنْ كَانَ خَلَفَ لَهَا مَا تُنْفِقُ مِنْهُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَرْطٌ فَلَا تَتَزَوَّجُ أَبَدًا وَيُنْفَقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهِ حَتَّى يَثْبُتَ مَوْتُهُ، أَوْ تُبْصِرَهُ طَائِعًا، أَوْ يَنْقَضِيَ تَعْمِيرُهُ، إنْ جُهِلَ مَكَانُهُ فَتَنْقَطِعُ النَّفَقَةُ عَنْهَا وَعَمَّنْ كَانَ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَتَعْتَدُّ زَوْجَتُهُ وَتَتَزَوَّجُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ فِي ثُبُوتِ الْمَوْتِ، أَوْ انْقِضَاءِ التَّعْمِيرِ اهـ.

وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ الْكَلَامُ عَلَى حَدِّ التَّعْمِيرِ، وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَبَقِيَتْ أُمُّ وَلَدِهِ وَمَالُهُ وَزَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَزَوْجَةُ مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ لِلتَّعْمِيرِ، وَالشَّاهِدُ لِمَسْأَلَتِنَا، أَعْنِي مَسْأَلَةَ الْمَفْقُودِ وَالْأَسِيرِ هُوَ قَوْلُهُ وَزَوْجَةُ الْأَسِيرِ وَزَوْجَةُ مَفْقُودِ أَرْضِ الشِّرْكِ يَعْنِي وَمَالُهُمَا فَقَوْلُهُ " وَمَفْقُودٌ " عَطْفٌ عَلَى الْأَسِيرِ مَدْخُولٌ لِزَوْجَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>