للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَادَ سَبَبُهُ وَمُوجِبُهُ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ.

وَقَوْلُهُ: " لِأَنَّهُ " أَيْ الْإِمْتَاعُ " حَقٌّ لَهُ " أَيْ لِلزَّوْجِ.

" وَقَوْلُهُ " وَذَاكَ " أَيْ: مَا الْتَزَمَهُ الزَّوْجُ. ثُمَّ أَخْبَرَ النَّاظِمُ أَنَّ الْأَظْهَرَ عِنْدَهُ مِنْ الرَّأْيَيْنِ عَوْدُ الْإِمْتَاعِ بِالْمُرَاجَعَةِ كَمَا صَدَّرَ بِهِ أَوَّلًا، وَنَظَرُ ذَلِكَ بِالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَرِيبًا وَهُوَ مَنْ الْتَزَمَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةَ أَوْلَادِهَا أَوْ شُرُوطًا فَطَلُقَتْ دُونَ الثُّلَاثِ بِخُلْعٍ يَعْنِي أَوْ بِغَيْرِ خُلْعٍ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَإِنَّ كُلَّ مَا الْتَزَمَ لَهَا أَوَّلًا مِمَّا ذَكَرَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا كَانَ، وَلَمَّا كَانَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ شُرُوطٌ وَتَسْقُطُ عَنْهُ بِالطَّلَاقِ صَارَتْ كَأَنَّهَا أَعْطَتْهُ شَيْئًا لِيُطَلِّقَهَا فَسَمَّاهَا مُخْتَلِفَةً، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اسْتَظْهَرَ اسْتِوَاءَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ الْفَرْقُ الْمُتَقَدِّمُ، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " كَمَنْ تَخْتَلِع "

فَكُلُّ مَا تَتْرُكُهُ مُرْتَجَع

فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادَهُ فَفِي قَوْلِهِ: " كَمَنْ تَخْتَلِعُ " إلَخْ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ

كَذَا جَرَى الْعَمَلُ فِي التَّمْتِيعِ

الْبَيْتَ " وَتَتْرُكُهُ " بِمَعْنَى الْمَاضِي أَيْ تَرَكَتْهُ.

" وَمَا سَقَطَ مِنْ حَقِّهَا بِالطَّلَاقِ " أَيْ يَعُودُ بِالْمُرَاجَعَةِ.

وَلَا يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ كُلَّ مَا تَتْرُكُهُ الْمُخْتَلِعَةُ لِلزَّوْجِ مِنْ الْمَالِ مِمَّا أَعْطَتْهُ لَهُ مِنْ يَدِهَا أَوْ سَلَّمَتْ لَهُ فِيهِ مِمَّا فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ رَدُّهُ إلَيْهَا إذَا رَاجَعَهَا، إذْ قَدْ يَتَرَاجَعَانِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ يَرُدُّ لَهَا بَعْضَهُ وَقَدْ لَا يَرُدُّ لَهَا شَيْئًا وَلَا يُعْطِيهَا إلَّا مَا يَحِلُّ بِهِ النِّكَاحُ فَانْظُرْ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَبِهَذَا حَمَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ: " كَمَنْ تَخْتَلِعُ وَلَفْظَهُ: وَالْأَظْهَرُ عَوْدَةُ التَّمْتِيعِ كَالْمُخْتَلِعَةِ الَّتِي تَتْرُكُ مَا كَانَ لَهَا فِي مَهْرِهَا مِنْ كَالِئٍ وَسِوَاهُ فَإِذَا عَادَتْ الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُفَارِقِهَا عَادَ عَلَيْهِ كُلُّ مَا تَرَكَتْهُ. اهـ

وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ عَوْدَ مَا أَعْطَتْهُ إنَّمَا هُوَ اتِّفَاقِيٌّ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لَا لَازِمٌ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ.

(قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ) وَإِنْ أَعْمَرَتْ زَوْجَةٌ زَوْجَهَا فِي دَارِهَا أَوْ غَيْرِهَا مُدَّةَ الزَّوْجِيَّةِ فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ فَإِنْ رَاجَعَهَا بَقِيَتْ الْعُمْرَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ ذَلِكَ الْمِلْكِ شَيْءٌ، فَلَا يَنْقَطِعُ إلَّا بِالثَّلَاثِ إنْ رَاجَعَهَا بَعْدَ زَوْجٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: " أَمَدَ الزَّوْجِيَّةِ " يَقْتَضِي أَمَدَ الْعِصْمَةِ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ فِيهِ: مَنْ تَطَوَّعَ لِزَوْجِهِ بِنَفَقَةِ ابْنِهَا مِنْ غَيْرِ أَمَدِ الزَّوْجِيَّةِ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا وَأَبَى مِنْ الْإِنْفَاقِ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ لَازِمٌ لَهُ مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِ ذَلِكَ الْمِلْكِ شَيْءٌ.

كَمَا قَالُوا فِي عَوْدَةِ الْيَمِينِ (قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) : وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ تَفْرِيقِ الْأُسْتَاذِ أَبِي سَعِيدِ ابْنِ لُبٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ قَوْلُهُ:

وَرَجْعَةُ الزَّوْجِ تُفِيدُ كُلَّ مَا ... قَدْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ مُلْتَزَمًا

مِنْ شَرْطٍ أَوْ نَفَقَةٍ لَا تَلْزَمُهْ ... وَإِنْ يُمَتِّعْ فَالطَّلَاقُ يَهْدِمُهْ

لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ قَدْ تَرَكَهْ ... وَغَيْرُهُ مِنْ بَعْدِهِ قَدْ مَلَكَهْ

وَذَاكَ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ... فَلَمْ يَكُنْ إسْقَاطُهُ إلَيْهِ

قَاسَ الْجَزِيرِيُّ قِيَاسًا فَاسِدًا ... فَجَعَلَ الْبَابَيْنِ بَابًا وَاحِدًا.

[فَصْلٌ فِي التَّدَاعِي فِي الطَّلَاقِ]

ِ أَيْ فِي النِّزَاعِ عِنْدَ الطَّلَاقِ

وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ مِنْ بَعْدِ الْبِنَا ... وَلِادِّعَاءِ الْوَطْءِ رَدَّ مُعْلِنَا

فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ وَتَسْتَحِقّ ... بَعْدَ الْيَمِينِ مَهْرَهَا الَّذِي يَحِقْ

وَإِنْ يَكُنْ مِنْهَا نُكُولٌ فَالْقَسَمْ ... عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ نِصْفُ مَا الْتَزَمْ

وَيَغْرَمُ الْجَمِيعَ مَهْمَا نَكَلَا ... وَإِنْ يَكُنْ لِلِابْتِنَاءِ قَدْ خَلَا

فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَائِرٍ وَقِيلَ بَلْ ... لِزَوْجَةٍ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ عَمَلْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ بِامْرَأَةٍ وَخَلَا بِهَا خَلْوَةَ اهْتِدَاءٍ أَيْ جِيءَ بِهَا إلَيْهِ وَمُكِّنَ مِنْهَا وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا (الْجَوْهَرِيُّ) هُدِيَتْ الْمَرْأَةُ إلَى زَوْجِهَا هِدَاءً وَهِيَ مَهْدِيَّةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَقَالَ: لَمْ أَمَسَّهَا. وَقَالَتْ: بَلْ مَسَّنِي.

فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا، وَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِقَوْلِهِ: " وَالزَّوْجُ إنْ طَلَّقَ " الْبَيْتَيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ إرْخَاءَ السِّتْرِ شَاهِدٌ عُرْفِيٌّ فَتَحْلِفُ مَعَهُ وَتَسْتَحِقُّ، فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الزَّوْجُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا إلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>