فَلَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ ابْنَةٌ حَاضِرَةٌ وَابْنٌ غَائِبٌ بَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَقَالَتْ الِابْنَةُ: أَنَا أَحْلِفُ وَآخُذُ حَقِّي. فَقَالَ: إنْ حَلَفْتِ خَمْسِينَ يَمِينًا أَخَذْت ثُلُثَ الدِّيَةِ وَإِنْ قَدِمَ الْأَخُ حَلَفَ ثُلُثَيْ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ.
وَسُوِّغَتْ قَسَامَةُ الْوُلَاةِ ... فِي غَيْبَةِ الْجَانِي عَلَى الصِّفَاتِ
وَيُنْفِذُ الْقِصَاصَ إنْ بِهِ ظُفِرْ ... إقْرَارٌ أَوْ وِفَاقُ مَا مِنْهَا ذُكِرْ
(قَالَ الشَّارِحُ) : يُسَوَّغُ أَنْ يُقْسِمَ أَوْلِيَاءُ الْقَتِيلِ فِي غَيْبَةِ الْقَاتِلِ عَلَى صِفَاتِهِ وَيُنْفِذُ الْقِصَاصَ وَإِنْ ظُفِرَ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارُهُ أَنَّهُ هُوَ أَوْ وِفَاقُ الصِّفَاتِ الَّتِي يَكُونُ عَلَيْهَا لِمَا ذُكِرَ مِنْ الصِّفَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ الْقَسَامَةُ عَلَيْهَا. اهـ وَعَلَى الصِّفَاتِ يَتَعَلَّقُ بِقَسَامَةٍ " وَالْقِصَاصَ " مَفْعُولُ يُنْفِذُ وَضَمِيرُ بِهِ لِلْجَانِي وَإِقْرَارٌ فَاعِلُ يُنْفِذُ وَضَمِيرُ مِنْهَا لِلصِّفَاتِ
[فَصْلٌ فِي الْجِرَاحَاتِ]
ِ
جُلُّ الْجُرُوحِ عَمْدُهَا فِيهِ الْقَوَدْ ... وَدِيَةٌ مَعْ خَطَرٍ فِيهَا فُقِدْ
وَفِي جِرَاحِ الْخَطَأِ الْحُكُومَهْ ... وَخَمْسَةٌ دِيَتُهَا مَعْلُومَهْ
فَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ فِي الْمُوضِحَةِ ... وَهِيَ الَّتِي تُلْغَى لِعَظْمٍ مُوضِحَهْ
فِي رَأْسٍ أَوْ وَجْهٍ كَذَا الْمُنَقِّلَةُ ... عُشْرٌ بِهَا وَنِصْفُ عُشْرٍ مُعَدِّلَهْ
فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُطْلَقًا وَهِيَ الَّتِي ... كَسْرَ فِرَاشِ الْعَظْمِ قَدْ تَوَلَّتْ
وَعُشُرٌ وَنِصْفُهُ فِي الْهَاشِمَهْ ... وَهِيَ لِعَظْمِ الرَّأْسِ تُلْفَى هَاشِمَهْ
وَقِيلَ نِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ حُكُومَهْ ... وَثُلُثُ الدِّيَةِ فِي الْمَأْمُومَهْ
وَمَا انْتَهَتْ لِلْجَوْفِ وَهِيَ الْجَائِفَهْ ... كَذَاكَ وَالْأُولَى الدِّمَاغَ كَاشِفَهْ
وَلِاجْتِهَادِ حَاكِمٍ مَوْكُولُ ... فِي غَيْرِهَا التَّأْدِيبُ وَالتَّنْكِيلُ
وَجَعَلُوا الْحُكُومَةَ التَّقْوِيمَا ... فِي كَوْنِهِ مَعِيبًا أَوْ سَلِيمًا
وَمَا تَزِيدُ حَالَةُ السَّلَامَهْ ... يَأْخُذُهُ أَرْشًا وَلَا مَلَامَهْ
الْجِرَاحَاتُ جَمْعُ جِرَاحَةٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى جِرَاحٍ. يُقَالُ: جَرَحَهُ وَالِاسْمُ الْجُرْحُ بِالضَّمِّ وَالْجَمْعُ جُرُوحٌ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] وَلَمْ يَقُولُوا: أَجْرَاحٌ إلَّا عَلَى مَا جَاءَ فِي الشِّعْرِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُفْرَدَ لَفْظَانِ أَحَدُهُمَا: جِرَاحَةٌ بِالْكَسْرِ وَالْهَاءِ فِي آخِرِهِ وَلَهُ جَمْعَانِ جِرَاحَاتٌ بِالْأَلِفِ وَالتَّاءِ كَمَا فِي التَّرْجَمَةِ، وَجِرَاحٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْضًا بِوَزْنِ كِتَابٍ وَاللَّفْظُ الثَّانِي جُرْحٌ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَجَمْعُهُ: جُرُوحٌ. (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) الْمُتَبَادَرُ فِي الِاصْطِلَاحِ أَنَّ الْجُرُوحَ كُلُّ مَا دُونَ النَّفْسِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] إلَى أَنْ قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: ٤٥] اهـ.
(وَاعْلَمْ) أَنَّ الْجُرُوحَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَمَا كَانَ مِنْهَا عَمْدًا فَجُلُّهُ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْقَوَدِ يَعْنِي أَوْ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَبَعْضُهُ إنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ فَقَطْ أَيْ شَيْءٌ قَدَّرَهُ الشَّارِعُ إمَّا مَعْلُومٌ