للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَثُلُثِ الدِّيَةِ فِي الْجَائِفَةِ مَثَلًا أَوْ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَهُوَ الْحُكُومَةُ فِيمَا يَعْظُمُ فِيهِ الْخَطَرُ إذَا بَرَأَ عَلَى شَيْنٍ، وَلَمْ يَرِدْ عَنْ الشَّارِحِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ، وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ مَا فِيهِ خَطَرٌ وَغَرَرٌ فَفِيهِ الدِّيَةُ، وَمَا لَا خَطَرَ فَفِيهِ الْقِصَاصُ. ثُمَّ جِرَاحُ الْعَمْدِ إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي الرَّأْسِ أَوْ فِيمَا عَدَاهُ وَهِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا بِجِرَاحِ الْجَسَدِ، فَجِرَاحُ الرَّأْسِ يُقْتَصُّ فِيهَا مِنْ سَبْعٍ وَهِيَ الْمُوضِحَةُ وَهِيَ مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ مِنْ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَلَوْ بِقَدْرِ مَدْخَلِ إبْرَةٍ.

وَكَذَا مَا قَبْلَهَا مِنْ الدَّامِيَةِ وَهِيَ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ وَالْحَارِصَةِ وَهِيَ الَّتِي تُشَقِّقُ الْجِلْدَ وَالسِّمْحَاقِ وَهِيَ الْكَاشِطُ لِلْجِلْدِ وَالْبَاضِعَةِ وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ أَيْ تَشُقُّهُ وَالْمُتَلَاحِمَةِ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَالْمِلْطَاةِ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سِتْرٌ رَقِيقٌ، فَالْوَاجِبُ فِي هَذِهِ السَّبْعِ الْقِصَاصُ أَوْ مَا يَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَلَا قِصَاصَ فِيمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ مِنْ جِرَاحِ الرَّأْسِ. وَذَلِكَ أَرْبَعٌ: الْهَاشِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَهْشِمُ الْعَظْمَ، وَالْمُنَقِّلَةُ وَهِيَ الَّتِي أَطَارَتْ فِرَاشَ الْعَظْمِ وَإِنْ صَغُرَ، وَالْآمَّةُ وَهِيَ مَا أَفْضَى إلَى الدِّمَاغِ وَلَوْ بِقَدْرِ مَدْخَلِ إبْرَةٍ وَالدَّامِغَةُ وَهِيَ الَّتِي تَخْرِقُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ.

وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْقُطُ ذِكْرُ الْهَاشِمَةِ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ أَنْ تَصِيرَ مُنَقِّلَةً عِنْدَهُ وَالْمُنَقِّلَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَحُكِيَ فِيهَا الْفَتْحُ وَفِرَاشُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا وَيُقَالُ لَلْآمَّةِ الْمَأْمُومَةُ أَيْضًا وَبَعْدَ كَوْنِ هَذِهِ الْأَرْبَعِ لَا قِصَاصَ فِيهَا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَفِي الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةُ عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَفِي الْآمَّةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى مَا يَجِبُ فِي الدَّامِغَةِ عَمْدًا وَلَعَلَّ سُكُوتَهُمْ عَنْهَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَعُونَةِ وَالتَّلْقِينِ أَنَّ الدَّامِغَةَ مُرَادِفَةٌ لِلْمَأْمُومَةِ فَيَكُونُ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ. وَقَدْ تَلَخَّصَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ جِرَاحَ الرَّأْسِ إحْدَى عَشَرَةَ سَبْعَةٌ فِيهَا الْقِصَاصُ يَعْنِي أَوْ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ وَيَجِبُ الْأَدَبُ، اُقْتُصَّ مِنْهَا أَوْ لَا وَأَرْبَعَةٌ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَإِنَّمَا فِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ كَمَا تَقَدَّمَ.

وَعَلَى هَذَا فَيَسْتَوِي فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي عَمْدِهَا وَهُوَ مَا ذُكِرَ الْآنَ هُوَ الْوَاجِبُ فِي خَطَئِهَا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي لِلنَّاظِمِ قَرِيبًا إلَّا فِي الْأَدَبِ، فَإِنَّ الْمُتَعَمِّدَ يُؤَدَّبُ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ لَا دُونَ الْمُخْطِئِ وَلَوْ بَرِئَتْ، هَذِهِ الْأَرْبَعُ عَلَى شَيْنٍ وَعَيْبٍ فَلَا يُزَادُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ فِيهَا. اهـ (ابْنُ الْحَاجِبِ) : وَلَوْ كَانَ أَرْشُ الْجِرَاحِ مُقَدَّرًا انْدَرَجَ الشَّيْنُ وَفِي شَيْنِ الْمُوضِحَةِ قَوْلَانِ. اهـ ذَهَبَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى انْدِرَاجِ شَيْنِ الْمُوضِحَةِ كَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ مَالِكٌ مَا عَلِمْتُ أَجْرَ الطَّبِيبِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ. (وَفِي التَّوْضِيحِ) عَنْ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ يَرَوْنَ الْقَضَاءَ بِأَجْرِ الطَّبِيبِ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ.

وَأَمَّا جِرَاحُ الْجَسَدِ عَمْدًا مِنْ الْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَغَيْرِهِمَا كَالظُّفْرِ وَالْعَضُدِ وَالتَّرْقُوَةِ عِيَاضٌ: هُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَهُوَ عَظْمٌ أَعْلَى الصَّدْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُنُقِ فَفِيهَا الْقِصَاصُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ، فَإِنْ عَظُمَ كَعِظَامِ أَعْلَى الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخِذِ وَكَذَلِكَ الْقَطْعُ إنْ كَانَ مَخُوفًا فَلَا قِصَاصَ. قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكَذَا لَا قِصَاصَ فِي الْجَائِفَةِ وَلَوْ عَمْدًا وَهِيَ الَّتِي تَصِلُ إلَى الْجَوْفِ مِنْ الْبَطْنِ أَوْ مِنْ الظَّهْرِ وَلَوْ بِقَدْرِ مَدْخَلِ إبْرَةٍ، وَإِنَّمَا فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ كَمَا فِي الْخَطَأِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيُقْتَصُّ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ وَالسِّنِّ وَالذَّكَرِ وَالْأَجْفَانِ وَالشَّفَتَيْنِ وَفِي اللِّسَانِ رِوَايَتَانِ. وَفِيهَا إنْ كَانَ مُتْلِفًا لَمْ يُقَدْ مِنْهُ، وَفِيهَا فِي الْأُنْثَيَيْنِ: أَخَافُ أَنْ يَكُونَ مُتْلِفًا وَلَا أَدْرِي مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيهِ؟ وَبَعْدَ سُقُوطِ الْقِصَاصِ فِيمَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ يُنْظَرُ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ الْأَدَبُ وَالْحُكُومَةُ مَعًا إلَّا الْجَائِفَةَ فَلَا يُزَادُ فِيهَا عَلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ. وَلَوْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ، وَهُوَ الْعَيْبُ. وَالْحُكُومَةُ (قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ) : وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَوَّمَ مَعَ الْجِنَايَةِ بِتِسْعَةٍ، وَالتَّفَاوُتُ عَشَرَةٌ فَيَجِبُ عُشْرُ الدِّيَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ انْدِمَالِ الْجُرْحِ فَلَوْ لَمْ يَبْقَ شَيْنٌ فَلَا شَيْءَ. اهـ وَسَيَأْتِي هَذَا لِلنَّاظِمِ.

هَذَا كُلُّهُ فِي الْعَمْدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْإِجْمَالِ، وَأَمَّا جِرَاحُ الْخَطَأِ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا أَدَبَ وَلَا إشْكَالَ ثُمَّ هِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ، خَمْسَةٌ مِنْهَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَفِي الْمُوضِحَةِ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ، وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>