[فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ]
(فَصْلٌ فِي الْعُيُوبِ)
وَمَا مِنْ الْأُصُولِ بِيعَ وَظَهَرَ ... لِلْمُشْتَرِي عَيْبٌ بِهِ كَانَ اسْتَتَرَ
فَإِنْ يَكُنْ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرُ ... فِي ثَمَنٍ فَخَطْبُهُ يَسِيرُ
وَمَا لِمَنْ صَارَ لَهُ الْمَبِيعُ ... رَدٌّ وَلَا بِقِيمَةٍ رُجُوعُ
وَإِنْ يَكُنْ يَنْقُصُ بَعْضَ الثَّمَنِ ... كَالْعَيْبِ عَنْ صَدْعِ جِدَارِ بَيِّنِ
فَالْمُشْتَرِي لَهُ الرُّجُوعُ هَهُنَا ... بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إذَا تَعَيَّنَا
وَإِنْ يَكُنْ لِنَقْصِ ثُلْثِهِ اقْتَضَى ... فَمَا عَلَا فَالرَّدُّ حَتْمٌ بِالْقَضَا
قَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَلَى مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ التَّقْلِيبِ ثُمَّ إنَّ الشَّيْءَ الْمُشْتَرَى إمَّا أَنْ يَكُونَ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ لِلنَّاظِمِ أَوَائِلَ الْبُيُوعِ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلًا كَالدَّارِ وَالْفُنْدُقِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالثَّوْبِ وَعَلَيْهِمَا تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَصْلًا فَلَا يَخْلُو الْعَيْبُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ لَا يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ لِيَسَارَتِهِ، يُرِيدُ كَالشِّرَافَاتِ يَجِدُهَا مُنْهَدِمَةً، الثَّانِي لَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ وَنَحْوِهِ، الثَّالِثُ تُرَدُّ مِنْ أَجَلِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ يُخْشَى سُقُوطُ الدَّارِ مِنْهُ وَإِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَشَارَ بِالْأَبْيَاتِ السِّتِّ، فَقَوْلُهُ كَانَ اسْتَتَرَ أَيْ وَقْتَ التَّقْلِيبِ، قَوْلُهُ:
فَإِنْ يَكُنْ لَيْسَ لَهُ تَأْثِيرُ
هُوَ إشَارَةٌ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَاَلَّذِي صَارَ لَهُ الْمَبِيعُ هُوَ الْمُشْتَرِي لَا يَرُدُّ مُشْتَرَاهُ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِيَسَارَتِهِ، وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ يَكُنْ يُنْقَصُ بَعْضَ الثَّمَنِ
الْبَيْتَيْنِ هُوَ إشَارَةٌ إلَى الْوَجْهِ الثَّانِي، وَقَوْلُهُ:
وَإِنْ يَكُنْ لِنَقْصِ ثُلْثِهِ اقْتَضَى
الْبَيْتَ إشَارَةٌ إلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ
(قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) الْعُيُوبُ فِي الدُّورِ وَنَحْوِهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا: عَيْبٌ خَطِيرٌ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ الثَّمَنِ، أَوْ مَا يُخْشَى مِنْهُ سُقُوطُ حَائِطٍ كَصَدْعٍ فِيهِ فَهَذَا وَشِبْهُهُ يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَالثَّانِي عَيْبٌ يَسِيرٌ لَا يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا لَا تُرَدُّ بِهِ الدَّارُ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِيَسَارَتِهِ وَيَتَمَسَّكُ بِالْمَبِيعِ، وَالثَّالِثُ لَا يُرَدُّ بِهِ وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعٍ فِي حَائِطٍ وَنَحْوِهِ اهـ وَهُوَ مِثْلُ كَلَامِ النَّاظِمِ إلَّا فِي تَقْدِيمِ الْوُجُوهِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ الثَّالِثُ عِنْدَ النَّاظِمِ وَالثَّانِي عِنْدَهُ هُوَ الْأَوَّلُ عِنْدَ النَّاظِمِ وَالثَّالِثُ هُوَ الثَّانِي عِنْدَ النَّاظِمِ
(قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ) فِي تَفْسِيرِ الْعَيْبِ الْكَثِيرِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ مَا نَصُّهُ وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبْعِهِ، ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشْرَةُ مَثَاقِيلَ وَرُبْعُهَا عَشْرَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ إلَّا مَا أَضَرَّ اهـ وَمَنْ تَفْسِيرِهِ هَذَا الْعَيْبَ الْكَثِيرَ الْمُوجِبَ لِلرَّدِّ يُعْلَمُ حَدُّ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِلْقِيمَةِ
(قَالَ الْمَوَّاقُ) اُنْظُرْ هُنَا مَسْأَلَةً وَهِيَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْعَيْبُ الْيَسِيرُ فِي الدُّورِ لَا يَلْزَمُ الرَّدُّ بِهِ وَيُحْكَمُ لِلْمُبْتَاعِ إنْ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ انْفَتَحَ بِسَبَبِ هَذَا الْبَابِ التَّرَخُّصُ فِي الدَّيْنِ تَجِدُ الرَّجُلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ يُفَتِّشُ عُيُوبًا لِيَنْحَطَّ لَهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ اغْتِبَاطِهِ بِالْمَبِيعِ وَقَدْ يُعْطَاهُ فِيهِ رُبْعُ رَيْعٍ فَاَلَّذِي أَتَحَمَّلُ عُهْدَتَهُ فِي هَذَا فُتْيَا ابْنِ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ قَالَ مَا نَصُّهُ إذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي الْعَقَارِ يَسِيرًا فَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ وَلِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اصْرِفْ عَلَى مَا بِعْتُ مِنْك وَخُذْ الثَّمَنَ فَمِنْ حَقِّهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ فَيَكُونَ فِيهِ قِيمَةُ الْعَيْبِ اهـ وَبِفُتْيَا ابْنِ الْحَاجِّ هَذِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِفَاسَ