للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مِنْ الشَّهَادَةِ]

ِ

وَمَنْ لِطَالِبٍ بِحَقٍّ شَهِدَا ... وَلَمْ يُحَقِّقْ عِنْدَ ذَاكَ الْعَدَدَا

فَمَالِكٌ عَنْهُ بِهِ قَوْلَانِ ... لِلْحُكْمِ فِي ذَاكَ مُبَيِّنَانِ

إلْغَاؤُهَا كَأَنَّهَا لَمْ تُذْكَرْ ... وَتَرْفَعُ الدَّعْوَى يَمِينُ الْمُنْكِرِ

أَوْ يُلْزَمَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُقِرَّا ... ثُمَّ يُؤَدِّي مَا بِهِ أَقَرَّا

بَعْدَ يَمِينِهِ وَإِنْ تَجَنَّبَا ... تَعْيِينًا أَوْ عَيَّنَ وَالْحَلْفَ أَبَى

كُلِّفَ مَنْ يَطْلُبُهُ التَّعْيِينَا ... وَهُوَ لَهْ إنْ أَعْمَلَ الْيَمِينَا

وَإِنْ أَبَى أَوْ قَالَ لَسْت أَعْرِفُ ... بَطَلَ حَقُّهُ وَذَاكَ الْأَعْرَفُ

وَمَا عَلَى الْمَطْلُوبِ إجْبَارٌ إذَا ... مَا شَهِدُوا فِي أَصْلِ مِلْكٍ هَكَذَا

يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ الشَّاهِدُ بِحَقٍّ كَدَيْنٍ مَثَلًا وَلَمْ يُحَقِّقْ مِقْدَارَهُ وَعَدَدَهُ، فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ مُبَيِّنَانِ لِلْحُكْمِ فِي ذَلِكَ أَحَدُهُمَا: إلْغَاءُ تِلْكَ الشَّهَادَةِ أَيْ: عَدَمُ اعْتِبَارِهَا وَهِيَ كَالْعَدَمِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ الدَّعْوَى، فَتَرْتَفِعُ وَتُقَابَلُ بِالْيَمِينِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَمَنْ لِطَالِبٍ بِحَقٍّ شَهِدَا

الْأَبْيَاتَ الثَّلَاثَةَ فَطَالِبٌ وَبِحَقٍّ يَتَعَلَّقَانِ بِشَهِدَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ لِطَالِبٍ بِمَحْذُوفٍ، صِفَةٌ لِطَالِبٍ، وَفَاعِلُ يُحَقِّقْ يَعُودُ عَلَى مَنْ وَالْإِشَارَةُ لِوَقْتِ الشَّهَادَةِ، وَبَاءُ بِهِ ظَرْفِيَّةٌ وَالضَّمِيرُ لِلْفَرْعِ الْمَذْكُورِ وَمُبَيِّنَانِ صِفَةٌ لَقَوْلَانِ، وَلِلْحُكْمِ يَتَعَلَّقُ بِمُبَيِّنَانِ وَإلْغَاؤُهَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلَانِ بَدَلٌ مُفَصَّلٌ مِنْ مُجْمَلٍ وَيَمِينُ فَاعِلُ تَرْفَعُ وَالدَّعْوَى مَفْعُولٌ بِهِ. الْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُكَلَّفُ وَيُلْزَمُ بِأَنْ يُقِرَّ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَيُؤَدِّيه لِصَاحِبِهِ فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ، أَوْ أَقَرَّ وَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنَّهُ يُرْجَعُ إلَى الطَّالِبِ وَيُكَلَّفُ بِأَنْ يُعَيِّنَ مَالَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ، وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لَزِمَ ذَلِكَ الْمَطْلُوبَ، فَإِنْ امْتَنَعَ الطَّالِبُ مِنْ التَّعْيِينِ أَوْ عَيْنٍ وَامْتَنَعَ مِنْ الْيَمِينِ بَطَلَ حَقُّهُ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَانَتْ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَحَقٍّ فِي دَارٍ أَوْ نَحْوِهَا، فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ لَهُ ذَلِكَ الْحَقُّ مِنْ إرْثٍ وَلَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ، لَكِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ الشَّيْءِ حَتَّى يَحْلِفَ، وَلَا يُسْجَنَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ.

وَإِلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

أَوْ يُلْزَمَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُقِرَّ

الْأَبْيَاتَ الْأَرْبَعَةَ وَإِلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَمَا عَلَى الْمَطْلُوبِ الْبَيْتَ فَقَوْلُهُ: أَوْ يُلْزَمَ الْمَطْلُوبُ هُوَ بِنَصَبِ يُلْزَمَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إلْغَاؤُهَا مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:

وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ

<<  <  ج: ص:  >  >>