للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَالِبُ عَادَةً فَارْتَفَعَ بِهِ أَصْلُ عِمَارَةِ الذِّمَّةِ بِخِلَافِ دَعْوَاهُ الدَّفْع قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَلَا غَالِبَ مَعَهُ حِينَئِذٍ فَيُحَبُّ الْبَقَاء مَعَ الْأَصْلِ إذْ لَا مُعَارِضَ لَهُ اهـ، ثُمَّ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَالْقَوْلُ وَالْيَمِينُ لِلَّذِي ابْتَنَى ... فِي دَفْعِهِ الْكَالِئَ قَبْلَ الِابْتِنَا

إنْ كَانَ قَدْ حَلَّ وَفِي الَّذِي يَحِلْ ... بَعْدَ بِنَائِهِ لَهَا الْقَوْلُ جُعِلْ

ثُمَّ لَهَا امْتِنَاعُهَا أَنْ يَدْخُلَا ... أَوْ تَقْبِضَ الْحَائِنَ مِمَّا أُجِّلَا

يُعْنَى أَنَّ الزَّوْجَ إذَا بَنَى بِزَوْجَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهَا، أَوْ لِحَاجِرِهَا الْكَالِئِ قَبْلَ الثَّنَاءِ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ قَدْ حَلَّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ يَمِينِهَا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَأَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّالِثِ إلَى أَنَّ الْكَالِئَ إذَا حَلَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلِلْمَرْأَةِ أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ الدُّخُولِ حَتَّى تَقْبِضَهُ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْحَالِّ (قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ بَعْضُهُ مُعَجَّلٌ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلُ وَدَخَلَ وَاخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمُؤَجَّلِ فَقَالَ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَخَادِمٍ إلَى سَنَةٍ فَنَقَدَهَا الْمِائَةَ وَدَخَلَ عَلَيْهَا بَعْد السَّنَةِ مِنْ يَوْم تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْخَادِمِ فَقَالَ مَالِكٌ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا بَعْد مُضِيِّ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا قِبَلَ مُضِيِّ السَّنَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُك

(وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ) قَالَ مَالِكٌ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ صَدَاقَهَا إلَّا فِيمَا يَحِلُّ مِنْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ (وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ) مَنْ تَزَوَّجَ بِعَاجِلٍ وَآجِلٍ فَلَهُ الْبِنَاءُ يَدْفَعُ الْمُعَجَّلَ فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى حَلَّ الْمُؤَجَّلُ فَلَهُ مَنْعُهُ حَتَّى تَقْبِضَ جَمِيعَهُ اهـ

[فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ]

فَصْلٌ فِيمَا يُهْدِيهِ الزَّوْجُ (أَيْ: لِلزَّوْجَةِ) ثُمَّ يَقَعُ الطَّلَاقُ (يَعْنِي: أَوْ الْفَسْخَ)

وَكُلُّ مَا يُرْسِلُهُ الزَّوْجُ إلَى ... زَوْجَتِهِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْحُلَى

فَإِنْ يَكُنْ هَدِيَّةً سَمَّاهَا ... فَلَا يَسُوغُ أَخْذُهُ إيَّاهَا

إلَّا بِفَسْخٍ قَبْلَ أَنْ يَبْتَنِيَا ... فَإِنَّهُ مُسْتَخْلِصٌ مَا بَقِيَا

وَإِنْ تَكُنْ عَارِيَّةً وَأَشْهَدَا ... مِنْ قَبْلُ سِرًّا فَلَهُ مَا وَجَدَا

وَمُدَّعٍ إرْسَالَهَا كَيْ تُحْتَسَبْ ... مِنْ مَهْرِهَا الْحَلْفُ عَلَيْهِ قَدْ وَجَبْ

ثُمَّ لَهَا الْخِيَارُ فِي صَرْفٍ وَفِي ... إمْسَاكِهَا مِنْ الصَّدَاقِ فَاعْرِفْ

وَمُدَّعِي الْإِرْسَالَ لِلثَّوَابِ ... شَاهِدُهُ الْعُرْفُ بِلَا ارْتِيَابِ

يَعْنِي أَنَّ مَا يُرْسِلُهُ الزَّوْجُ وَيَبْعَثُهُ إلَى زَوْجَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ يَقَع الْفِرَاقُ بِطَلَاقٍ أَوْ بِفَسْخٍ فَهَلْ يَرْجِعُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ، أَوْ تَسْتَبِدُّ بِهِ الزَّوْجَةُ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ فَإِنْ سُمِّيَ ذَلِكَ هَدِيَّةً فَلَيْسَ لَهُ ارْتِجَاعُهُ

وَكَانَ لِلزَّوْجَةِ إلَّا أَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسْخِ فَلَهُ حِينَئِذٍ اسْتِخْلَاصُ مَا بَقِيَ دُونَ مَا ضَاعَ مِنْهَا، فَلَا تُطَالَبُ بِهِ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِالْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَإِنْ أَشْهَدَ الزَّوْجُ سِرًّا بِأَنَّ ذَلِكَ عَارِيَّةٌ لِلزَّوْجَةِ فَلَهُ اسْتِرْجَاعُ مَا وُجِدَ مِنْهَا فِي الطَّلَاقِ وَالْفَسْخِ وَبَقَاءِ الْعِصْمَةِ فَإِنْ ادَّعَى إرْسَالَهَا تُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْمَهْرِ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَكَانَتْ الزَّوْجَةُ مُخَيَّرَةً بَيْنَ صَرْفِ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ وَرَدِّهِ لَهُ، أَوْ تَحْبِسَ ذَلِكَ وَتَحْسِبُهُ مِنْ الْمَهْرِ كَمَا زَعَمَ الزَّوْجُ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ رَجَعَ بِذَلِكَ لِلْعُرْفِ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ الْعُرْفُ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ وَإِلَّا، فَلَا (قَالَ فِي النَّوَادِرِ) وَالْعُتَيْبَة

<<  <  ج: ص:  >  >>