للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَوَّاقُ) اُنْظُرْ إذَا أَذْهَبَ السَّيْلُ وَجْهَ الْأَرْضِ، الرَّاوِيَةُ: وَجَبَ الْكِرَاءُ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا كِرَاءَ، وَعُدَّ قَوْلُهُ قَوْلًا اهـ.

وَالضَّابِطُ فِي هَذَا: أَنَّ الْكِرَاءَ يَلْزَمُ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، فَمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ لِقَحْطٍ أَوْ غَرَقٍ وَنَحْوِهِمَا حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ؛ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ ثُمَّ هَلَكَتْ الْغَلَّةُ، فَإِنْ أَتَى مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ شَيْءٌ يُوجِبُ مَنْعَ غَلَّتِهَا كَمَا: إذَا فُقِدَ رَيُّهَا، أَوْ أَعْدَمَ الْغَلَّةَ فَأْرُهَا سَقَطَ الْكِرَاءُ، وَإِنْ أَتَى أَمْرٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُكْتَرِي فَأَهْلَكَ الْغَلَّةَ؛ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ.

وَفِي (الْمُدَوَّنَةِ) إنْ جَاءَهُ مِنْ الْمَاءِ مَا كَفَى بَعْضَهُ، وَهَلَكَ بَعْضُهُ فَإِنْ حَصَدَ مَا لَهُ بَالٌ، وَلَهُ فِيهِ نَفْعٌ؛ فَعَلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِهِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ حَصَدَ مَا لَا بَالَ لَهُ، وَلَا نَفْعَ لَهُ فِيهِ.

(قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ) : مِثْلُ الْخَمْسَةِ فَدَادِينَ أَوْ السِّتَّةِ مِنْ الْمِائَةِ، وَفِي (الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا) مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا، فَغَرَقَ بَعْضُهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ، أَوْ عَطِشَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا رُدَّ جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ تَافِهًا حَطَّ عَنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ اهـ وَنَحْوَهُ نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ (الْمُقَرَّبِ) وَزَادَ: وَيُفَضُّ الْكِرَاءُ عَلَى كَرِيمِهَا، وَغَيْرِ كَرِيمِهَا وَعَلَى قَدْرِ رَغْبَةِ النَّاسِ فِيهَا. بِمَنْزِلَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَتْنِ الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً.

(وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ) إذَا أَتَى مَطَرٌ؛ فَغَرَقَ زَرْعُهُ فِي إبَّانٍ لَوْ انْكَشَفَ الْمَاءُ عَنْ الْأَرْضِ أَدْرَكَ زَرْعُهَا ثَانِيَةً فَلَمْ يَنْكَشِفْ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ؛ فَذَلِكَ كَغَرَقِهَا فِي الْإِبَّانِ قَبْلَ أَنْ تُزْرَعَ حَتَّى فَاتَ الْحَرْثُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ انْكَشَفَ الْمَاءُ فِي إبَّانٍ يُدْرَكُ فِيهِ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُثْ.

وَمِنْ (الْمُدَوَّنَةِ) أَيْضًا إذَا أَتَى مَطَرٌ بَعْدَ مَا زَرَعَ، وَفَاتَ إبَّانُ الزَّرْعِ، فَغَرَقَ زَرْعُهُ حَتَّى هَلَكَ بِذَلِكَ؛ فَهِيَ جَائِحَةٌ عَلَى الزَّارِعِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ بِخِلَافِ هَلَاكِهِ مِنْ الْقَحْطِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ (وَمِنْ الْمُقَرَّبِ) قُلْت: فَإِنْ زَرَعَهَا فَأَصَابَهَا مَطَرٌ شَدِيدٌ؛ فَاسْتَغْدَرَتْ، وَأَقَامَ الْمَاءُ فِيهَا حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ كَيْفَ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: " إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْحَرْثِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَرَدِ، وَالْجَرَادِ، وَالْجَلِيدِ مُصِيبَةُ ذَلِكَ مِنْ الزَّارِعِ، وَإِنْ كَانَتْ إنَّمَا اسْتَغْدَرَتْ فِي أَيَّامِ الْحَرْثِ، وَلَوْ انْكَشَفَ عَنْهَا الْغَدِيرُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا ثَانِيَةً، فَلَمْ يَنْكَشِفْ عَنْهَا الْمَاءُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْحَرْثِ؛ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهَا إذَا غَرِقَتْ فِي أَيَّامِ الْحَرْثِ، وَجَاءَ مِنْ الْمَاءِ مَا يَمْنَعُ مِنْ زَرْعِهَا فَالْكِرَاءُ عَنْ الْمُتَكَارِي مَوْضُوعٌ.

(قَالَ الشَّارِحُ) : وَسُئِلَ شَيْخُنَا قَاضِي الْجَمَاعَةِ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَمَّنْ اكْتَرَى فَدَّانًا زَرَعَهُ كَتَّانًا، فَأَصَابَهُ الْبَرَدُ حَتَّى عَدِمَ الْكَتَّانُ، وَالْمُكْتَرِي يَطْلُبُ بِالْكِرَاءِ: فَأَجَابَ " يَغْرَمُ الْمُكْتَرِي الْكِرَاءَ كُلَّهُ، وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ بِسَبَبِ جَائِحَةِ الْبَرَدِ لِأَنَّهُ لَا يُقَامُ فِي الْكِرَاءِ بِالْجَائِحَةِ إلَّا إنْ كَانَتْ مِنْ الْأَرْضِ، أَوْ مَا يَرْجِعُ إلَيْهَا " قَالَهُ ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - اهـ. .

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ مِنْ الْكِرَاءِ]

ِ

وَالْعَرَضُ إنْ عُرِفَ عَيْنًا فَالْكِرَا ... يَجُوزُ فِيهِ كَالسُّرُوجِ وَالْفِرَا

وَمُكْتَرٍ لِذَاكَ لَا يَضْمَنُ مَا ... يَتْلَفُ عِنْدَهُ سِوَى إنْ ظَلَمَا

وَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ الْيَمِينِ ... وَإِنْ يَكُنْ مَنْ لَيْسَ بِالْمَأْمُونِ

يَعْنِي: أَنَّهُ يَجُوزُ كِرَاءُ الْعُرُوضِ كَالْأَوَانِي، وَالْقُدُورِ وَالصَّحَائِفِ، وَالسُّرُوجِ، وَاللِّجَامِ وَالْفَرْوَةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، وَلَا يَلْتَبِسُ بِغَيْرِهِ، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا، وَالْفِرَاءُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَالْمَدِّ، - وَقَصْرُهُ ضَرُورَةٌ - جَمْعُ فَرْوٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَالَ فِي جَمْعِ التَّكْسِيرِ: فَعْلٌ وَفَعْلَةٌ فِعَالٌ لَهُمَا (قَالَ الْجَوْهَرِيُّ) : " الْفَرْوُ الَّذِي يُلْبَسُ، وَالْجَمْعُ الْفِرَاءُ، وَافْتَرَيْت الْفَرْوَ، وَلَبِسْته " اهـ. .

وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ، " وَعَيْنًا " تَمْيِيزٌ مَنْقُولٌ مِنْ نَائِبِ " عُرِفَ "

<<  <  ج: ص:  >  >>