للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَالسُّرُوجِ " جَمْعُ سَرْجٍ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: وَذَلِكَ كَسَرْجِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ إلَى أَنَّ مَنْ اكْتَرَى شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ؛ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مَأْمُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ إلَّا إذَا ظَلَمَ وَتَعَدَّى، فَيَضْمَنُ إذَا تَبَيَّنَ تَعَدِّيهِ، وَظُلْمُهُ إمَّا بِاعْتِرَافِهِ، أَوْ بِثُبُوتِ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ. فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ، وَلَا اعْتَرَفَ بِهِ؛ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي عَدَمِ تَعَدِّيه، وَظُلْمِهِ. وَهَلَاكُ الشَّيْءِ الْمُكْتَرَى مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ مَعَ يَمِينِهِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ، فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَاعَ، وَمَا أَخْفَاهُ وَأَنَّ ضَيَاعَهُ لَيْسَ بِسَبَبِهِ، وَلَا بِتَعَدِّيهِ.

وَقِيلَ: إنَّ غَيْرَ الْمُتَّهَمِ يَحْلِفُ مَا فَرَّطَ فَقَطْ (قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ) : وَيَجُوزُ كِرَاءُ الثِّيَابِ وَالْقِبَابِ وَالسُّرُوجِ وَاللَّحْمِ وَكُلِّ شَيْءٍ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غُيِّبَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا وَشِبْهِهِ إذَا حَدَّدَ لِلْكِرَاءِ مُدَّةً، وَلِلْأُجْرَةِ أَمَدًا، وَكَانَتْ حَالَّةً فَإِنْ ادَّعَى مُكْتَرِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهَا سُرِقَتْ؛ حَلَفَ وَبَرِئَ، وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِيَمِينِهِ مَأْمُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ. اهـ (فَرْعٌ) ثُمَّ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ: إثْرَ مَا تَقَدَّمَ وَيَغْرَمُ الْكِرَاءَ كُلَّهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَعُرِفَ أَنَّهُ نَشَدَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ حَلَفَ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَسَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَيَغْرَمُ مِنْ الْكِرَاءِ مِقْدَارَ مَا انْتَفَعَ إلَى أَنْ تَلِفَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهَا تَلِفَتْ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي ذَلِكَ لَزِمَهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ اهـ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: " وَيَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى وَقْتِ الضَّيَاعِ " وَقَالَ غَيْرُهُ: " وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي الضَّيَاعِ، وَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَجْرِ إلَّا مَا قَالَ إنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ " وَبِهِ أَخَذَ سَحْنُونٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ: " أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَأْجَرَةَ يُصَدَّقُ مُكْتَرِيهَا فِي ضَيَاعِهَا، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِ كِرَائِهَا، وَزَوَالِهِ مِنْ ذِمَّتِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَمَّا اجْتَمَعَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَجْرَى كُلَّ أَصْلٍ عَلَى بَابِهِ فَرَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانَ، وَأَغْرَمَهُ الْكِرَاءَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً مِمَّا يُوجِبُ دَفْعَ الْكِرَاءِ عَنْهُ وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَمَّا صَدَّقَهُ فِي الضَّيَاعِ كَانَ ذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ الْكِرَاءُ لِأَنَّ مَا يَجِبُ لَهُ الْكِرَاءُ قَدْ ذَهَبَ فَبِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ لَهُ الْكِرَاءُ، وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. اهـ.

وَالْمُكْتَرِي إنْ مَاتَ لَمْ يَحِنْ كِرَا ... وَاسْتُؤْنِفَ الْكِرَاءُ كَيْفَ قُدِّرَا

حَيْثُ أَبَى الْوُرَّاثُ إتْمَامَ الْأَمَدْ ... وَاسْتَوْجَبُوا أَخْذَ الْمَزِيدِ فِي الْعَدَدْ

وَالنَّقْصُ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ إنْ وُجِدْ ... لَهُ وَفَاءٌ مِنْ تُرَاثِ مَنْ فُقِدْ

يَعْنِي: أَنَّ مَنْ يَكْتَرِي دَارًا أَوْ غَيْرَهَا لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ بِأُجْرَةٍ مُنَجَّمَةٍ، فَسَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ ثُمَّ مَاتَ يَعْنِي أَوْ أَفْلَسَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ كِرَاءُ مَا لَمْ يَسْكُنْ، وَلَا يَحِلُّ عَلَيْهِ إلَّا كِرَاءُ مَا سَكَنَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ إنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ فِي الْمَوْتِ أَنْ يَلْتَزِمُوا كِرَاءً فِي أَمْوَالِهِمْ؛ فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَهَذَا يُؤْخَذُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ:

حَيْثُ أَبَى الْوُرَّاثُ إتْمَامَ الْأَمَدْ

إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ إنْ أَرَادُوا إتْمَامَ الْمُدَّةِ فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَيَنْزِلُ الْوَرَثَةُ مَنْزِلَتَهُ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَرَثَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُرِيدُوا ذَلِكَ فَلِرَبِّ الدَّارِ كِرَاؤُهَا لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَضْرُوبَةِ مَعَ الْمَيِّتِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَاسْتُؤْنِفَ الْكِرَاءُ كَيْفَ قُدِّرَا

فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ فَلِلْوَرَثَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَاسْتَوْجَبُوا أَخْذَ الْمَزِيدِ فِي الْعَدَدْ

وَإِنْ نَقَصَ ذَلِكَ عَنْ الْكِرَاءِ الَّذِي أَكْرَاهَا بِهِ الْمَيِّتُ وُقِفَ مِنْ تَرِكَتِهِ قَدْرُ النُّقْصَانِ، وَدُفِعَ لِلْمُكْرِي الْكِرَاءُ عِنْدَ وُجُوبِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " وَالنَّقْصُ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ " (الْبَيْتَ) .

وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ " إنْ وُجِدَ لَهُ وَفَاءٌ ": أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>