إذَا لَمْ يُوجَدْ سِوَاهُمْ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَافٍ وَالِاثْنَانِ أَوْلَى وَطَرِيقُ ذَلِكَ الْعِلْمُ، لَا الشَّهَادَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَعْمُولِ بِهِ. وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ:
وَوَاحِدٌ يُجْزِئُ فِي بَابِ الْخَبَرْ ... وَاثْنَانِ أَوْلَى عِنْدَ كُلِّ ذِي نَظَرْ
وَيَأْتِي لَهُ فِي فَصْلِ الْعُيُوبِ ... ثُمَّ الْعُيُوبُ كُلُّهَا لَا تُعْتَبَرْ
إلَّا بِقَوْلِ مَنْ لَهُ بِهَا بَصَرْ
[فَصْلٌ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]
فَصْلٌ وَاتَّفَقُوا أَنَّ كِلَابَ الْمَاشِيَةِ يَجُوزُ بَيْعُهَا كَكَلْبِ الْبَادِيَةِ وَعِنْدَهُمْ قَوْلَانِ فِي ابْتِيَاعِ كِلَابِ الِاصْطِيَادِ وَالسِّبَاعِ. يَعْنِي اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْكِلَابِ الْمُتَّخَذَةِ لِحِفْظِ الْمَوَاشِي مِمَّا يَعْدُو عَلَيْهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ، وَبَيْعُ الْكِلَابِ الْمُتَّخَذَةِ فِي الْبَادِيَةِ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ كِلَابِ الصَّيْدِ وَفِي بَيْعِ السِّبَاعِ كَالْفُهُودِ وَنَحْوِهَا فَفِي النَّوَادِرِ: وَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاءِ كِلَابِ الصَّيْدِ وَلَا يُعْجِبُنِي بَيْعُهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ: نَعَمْ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِثَمَنِهَا وَهِيَ مِثْلُ كِلَابِ الْحَرْثِ، وَالْمَاشِيَةِ، وَالصَّيْدِ (ابْنُ الْحَاجِبِ) . وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالسِّبَاعِ قَوْلَانِ:
(التَّوْضِيحُ) أَيْ وَفِي مَنْعِ بَيْعِ الْكَلْبِ وَجَوَازِهِ قَوْلَانِ: وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَهُوَ الْمَعْلُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ. وَالْجَوَازُ لِابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ وَشَهَّرَهُ بَعْضُهُمْ، وَعَنْ مَالِكٍ ثَالِثٌ بِالْكَرَاهَةِ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رَابِعٌ بِجَوَازِ اشْتِرَاطِهِ، وَمَنْعِ بَيْعِهِ حَكَاهُ ابْنُ زَرْقُونَ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي مُبَاحِ الِاتِّخَاذِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِ بَيْعِهِ، وَأَنَّ ثَمَنَهُ لَا يَحِلُّ. نَقَلَ ذَلِكَ فِي الْبَيَانِ وَقَوْلُهُ: وَالسِّبَاعُ قَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ أَيْ: وَفِي الْكَلْبِ الَّذِي يَحْرُسُ الْمَاشِيَةَ مِنْ السِّبَاعِ وَفِي مَعْنَاهُ كَلْبُ الزَّرْعِ فَإِنَّ اتِّخَاذَ الْكَلْبِ جَائِزٌ. وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهِ كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ نَقَلَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ وَذَكَر الْمَازِرِيُّ خِلَافًا فِي الْكَلْبِ الَّذِي يُتَّخَذُ لِحِرَاسَةِ الدُّورِ وَالْقَيَاسِرِ وَالْفَنَادِقِ. وَلِلْمَنْعِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَأَجَازَ فِيهِ شَيْخُنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَجْهًا آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ بِالسِّبَاعِ الَّتِي فِي مَعْنَى الْكَلْبِ كَالْفَهْدِ وَنَحْوِهِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ. اهـ
(قَالَ الشَّارِحُ) : وَقَعَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ لَفْظُ الِاتِّفَاقِ، وَلَا يَخْلُو مِنْ نَقْدٍ. اُنْظُرْ بَقِيَّةَ كَلَامِهِ ثُمَّ قَالَ: لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ الَّذِي نَظَمَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَيْتِ الثَّانِي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute