للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ جَازَ فِيمَا لَا رِبَا فِيهِ. (التَّوْضِيحُ) لِانْتِفَاءِ الْمُزَابَنَةِ إذْ ذَاكَ إذْ الْمُزَابَنَةُ الْمُدَافَعَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ (نَاقَةٌ زَبُونٌ) إذَا مَنَعَتْ مِنْ حِلَابِهَا وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ لِدَفْعِهِمْ الْكَفَرَةَ، فَكَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَنْ مُرَادِهِ، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ الْغَالِبُ فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَكْثَرُ انْتَفَى هَذَا. وَعُمُومُ قَوْلِهِ جَازَ فِيمَا لَا رِبَا فِيهِ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمَطْعُومَيْنِ وَالْمَطْعُومَيْنِ غَيْرَ الرِّبَوِيَّيْنِ وَهُوَ مُقْتَضَى النَّظَرِ اهـ وَيَدْخُلُ فِي غَيْرِ الْمَطْعُومَيْنِ نَحْوُ حَرِيرٍ، وَكَتَّانٍ بِكَتَّانٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَيَدْخُلُ فِي الْمَطْعُومَيْنِ غَيْرِ الرِّبَوِيَّيْنِ الْفَوَاكِهُ، وَالْخُضَرُ يُبَاعُ الْجِنْسُ مِنْهُمَا بِجِنْسِهِ.

(تَنْبِيهٌ) بَقِيَ عَلَى النَّاظِمِ مِنْ الْمُزَابَنَةِ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَحْرَى فِي الْمَنْعِ بِمَا ذَكَرَ، وَاسْتَثْنَى مَا إذَا كَثُرَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ كَثْرَةً بَيِّنَةً فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالصُّوفِ وَالْكَتَّانِ وَنَحْوِهِمَا. أَمَّا مَا يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ يُبَاعُ بِجِنْسِهِ فَيُمْتَنَعُ وَإِنْ تَبَيَّنَ الْفَضْلُ لِأَنَّهُ وَإِنْ ذَهَبَتْ الْمُزَابَنَةُ بِالْكَثْرَةِ فَقَدْ خَلَفَهَا رِبَا الْفَضْلِ وَكَذَا سَلَمُ الشَّيْءِ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ كَسَلَمِ سَيْفٍ فِي حَدِيدٍ وَغَزْلٍ فِي كَتَّانٍ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ زَادَ بَعْدَ هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ:

كَذَاك مَجْهُولٌ بِمَجْهُولٍ عَدَا ... إنْ كَثُرَ الْفَضْلُ وَلَا مَنْعٌ بَدَا

وَسَلَمُ الشَّيْءِ بِشَيْءٍ يُخْرَجُ ... مِنْهُ تَزَابُنٌ وَذَاكَ الْمَنْهَجُ

وَبَاءُ بِشَيْءٍ " ظَرْفِيَّةٌ " وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ وَذَاكَ الْمَنْهَجُ إلَى الْمَنْعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِ النَّاظِمِ فِي الْبَيْتِ " لَنْ يُقْبَلَا " وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[فَصْلٌ فِي بَيْعِ النَّقْدَيْنِ وَالْحُلِيِّ وَشِبْهِهِ]

ِ يَعْنِي بِالنَّقْدَيْنِ الْمَسْكُوكَ مِنْهُمَا وَبِالْحُلِيِّ الْمَصُوغَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَضَمِيرُ شِبْهِهِ لِلْحُلِيِّ وَشِبْهُ الْحُلِيِّ هُوَ الْمُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ. اهـ

وَالصَّرْفُ أَخْذُ فِضَّةٍ فِي ذَهَبِ ... أَوْ عَكْسُهُ وَمَا تَفَاضُلٌ أَبِي

وَالْجِنْسُ بِالْجِنْسِ هُوَ الْمُرَاطَلَهْ ... بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدِّ فَالْمُبَادَلَهْ

وَالشَّرْطُ فِي الصَّرْفِ تَنَاجُزٌ فَقَطْ ... وَمَعَهُ الْمِثْلُ بِثَانٍ يُشْتَرَطْ

ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ تَعْرِيفَ الصَّرْفِ وَالْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ وَشُرُوطَهَا فَأَخْبَرَ أَنَّ بَيْعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ وَبِالْعَكْسِ يُسَمَّى صَرْفًا، وَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ " وَمَا تَفَاضُلٌ " أَبِي " أَيْ: امْتَنَعَ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ فِيهِ التَّأْخِيرُ وَلَوْ قَرِيبًا وَيَفْسُدُ بِافْتِرَاقِ الْمُتَصَارِفَيْنِ اخْتِيَارًا وَكَذَا غَلَبَةً عَلَى الْمَشْهُورِ، وَكَذَا إنْ غَابَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ غَيْبَةً قَرِيبَةً كَدَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ لِأَنَّ الْمُنَاجَزَةَ شَرْطٌ فِيهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ

وَالشَّرْطُ فِي الصَّرْفِ تَنَاجُزٌ فَقَطْ

أَيْ: دُونَ التَّمَاثُلِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَمَا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالذَّهَبِ وَالذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ مُتَمَاثِلًا أَوْ مُتَفَاضِلًا لَكِنْ يَدًا بِيَدٍ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ.

وَأَخْبَرَ أَنَّهُ إذَا بِيعَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ بِجِنْسِهِ كَذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ فَإِنْ كَانَ بِالْوَزْنِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى مُرَاطَلَةً وَإِنْ كَانَ بِالْعَدَدِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى مُبَادَلَةً، وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهِمَا شَرْطَانِ التَّمَاثُلُ فَلَا يُبَاعُ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ مُتَفَاضِلًا وَلَا فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ مُتَفَاضِلًا بَلْ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَكْثَرَ عَدَدًا أَوْ أَحَدُهُمَا مَصُوغٌ وَالْآخَرُ لَيْسَ كَذَلِكَ أَوْ كَانَا غَيْرَ مَصُوغَيْنِ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: التَّنَاجُزُ فَلَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ أَيْضًا وَعَلَى هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ

وَمَعَهُ الْمِثْلُ بِثَانٍ يُشْتَرَطْ

أَيْ: وَيُشْتَرَطُ مَعَ التَّنَاجُزِ الْمِثْلُ أَيْ: التَّمَاثُلُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ بَيْعُ الْجِنْسِ بِجِنْسِهِ (فَضَمِيرُ مَعَهُ) لِلتَّنَاجُزِ وَبَاءُ بِثَانٍ ظَرْفِيَّةٌ وَهُوَ وَصْفٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَهَذَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّعَامِ مِنْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الطَّعَامُ الرِّبَوِيُّ بِجِنْسِهِ فَيَحْرُمُ فِيهِ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ مَعًا وَإِذَا بِيعَ جِنْسُهُ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا فِي النَّسَاءِ فَقَطْ أَيْ التَّأْخِيرِ. وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ " وَيَحْرُمُ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ فِيمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>