للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَيْثُ تَمَّ رَسْمُهُ وَعُدِمَا ... كَانَ عَدِيمًا لِأَوْلَى الْغُرَمَا

إلَّا إنْ اسْتَفَادَ مِنْ بَعْدِ الْعَدَمْ ... مَالًا فَيَطْلُبُونَهُ بِالْمُلْتَزَمْ

يَعْنِي إذَا شُهِدَ بِعُدْمِ الْمَدِينِ وَتَمَّ رَسْمُ الشَّهَادَةِ بِالْإِعْذَارِ إلَى غُرَمَائِهِ فَسَلَّمُوا عُدْمَهُ إمَّا لِعَجْزِهِمْ عَنْ الْمَدْفَعِ فِيمَا شُهِدَ لَهُ بِهِ، وَإِمَّا لِإِقْرَارِهِمْ بِعَدَمِهِ فَإِنَّ هَذَا الْمَدِينَ يَكُونُ عَدِيمًا لِهَؤُلَاءِ الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ عَدَّمُوهُ فَلَا يَجِبُ لَهُمْ قِبَلَهُ شَيْءٌ إلَّا إنْ اسْتَفَادَ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا فَإِنَّهُمْ يَطْلُبُونَهُ بِمَا الْتَزَمَ لَهُمْ حَيْثُ قَالَ فِي يَمِينِهِ، وَإِنْ وَجَدَهُ لَيَقْضِيَنَّ فَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ حَكَى الْبَاجِيُّ أَنَّهُ إذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ فَأَثْبَتَ الْغَرِيمُ عُدْمَهُ وَحَلَفَ ثُمَّ قَامُوا عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى الْعُدْمِ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا لِأَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَلَوْ قَامَ غَيْرُ الْأَوَّلِينَ وَقَدْ مَضَتْ مُدَّةٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُدْمِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ عُدْمَهُ مُتَّصِلٌ وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا إلَى قِيَامِ هَؤُلَاءِ الْآخَرِينَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِمْ وَلَا أُعْذِرَ إلَيْهِمْ فِي الشُّهُودِ بِالْعُدْمِ فَيَجِبُ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى اتِّصَالِ الْعُدْمِ وَيُبَاحُ لَهُمْ الْمَدْفَعُ فِي شَهَادَتِهِمْ اهـ.

(فَرْعٌ) فِي مُفِيدِ ابْنِ هِشَامٍ وَمَنْ فُلِّسَ وَقُسِّمَ مَالُهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَلَمْ يَقُمْ بِمَا لَهُمْ عَلَيْهِ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ وَفُلِّسَ ثَانِيَةً فَاَلَّذِينَ دَايَنُوهُ ثَانِيَةً أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ الْأَوَّلُونَ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ حُقُوقِهِمْ تَحَاصَّ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَا حَصَلَ فِي يَدِهِ مِنْ مُعَامَلَةِ الْآخَرِينَ وَأَمَّا مَالِكُهُ بِهِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ أَرْشٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَإِنَّ الْآخَرِينَ وَالْأَوَّلِينَ فِيهِ أُسْوَةٌ. اهـ.

وَيَنْبَغِي إعْلَانُ حَالِ الْمُعْدِمِ ... فِي كُلِّ مَشْهَدٍ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ

وَمُثْبِتٌ لِلضَّعْفِ حَالَ دَفْعِهِ ... لِغُرَمَائِهِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ

وَطَالِبٌ تَفْتِيشَ دَارِ الْمُعْسِرِ ... مُمْتَنِعٌ إسْعَافُهُ لِلْأَكْثَرِ

اشْتَمَلَ كُلُّ بَيْتٍ مِنْ الْأَبْيَاتِ الثَّلَاثَةِ عَلَى مَسْأَلَةٍ (الْأُولَى) : أَنَّهُ يُطْلَبُ إعْلَامُ النَّاسِ بِحَالِ الْمُعْدِمِ فِي الْمَشَاهِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَيَكُونُ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي قَالَ الشَّارِحُ: وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مِنْ قُضَاةِ الْعَدْلِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَوَجْهُ ذَلِكَ ظَاهِرٌ لِيَعْرِفَ النَّاسُ فَلَا يُعَامِلُهُ مَنْ يُعَامِلُهُ إلَّا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ أَمْرِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ فِعْلُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. اهـ.

(الثَّانِيَةُ) : أَنَّ الْمَدِينَ إذَا أَثْبَتَ ضَعْفَهُ وَقِلَّةَ ذَاتِ يَدِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي لِغُرَمَائِهِ عَلَى قَدْرِ وُسْعِهِ وَطَاقَتِهِ وَتَقَدَّمَ هَذَا. (الثَّالِثَةُ) : إذَا سَأَلَ رَبُّ الدَّيْنِ تَفْتِيشَ دَارِ الْمَدِينِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى مَا وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ قَالَ فَإِنْ سَأَلَ الطَّالِبُ أَنْ يُفَتِّشَ عَلَيْهِ دَارِهِ وَقَالَ إنَّهُ قَدْ غَيَّبَ فِيهَا مَالَهُ فَإِنَّ الشُّيُوخَ الْمُتَأَخِّرِينَ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ حَكَى أَصْبَغُ ابْنُ سَهْلٍ أَنَّهُ شَاهَدَ الْفَتْوَى وَالْحُكْمَ بِطُلَيْطِلَةَ إذَا دَعَا الطَّالِبُ إلَى أَنْ يُفَتِّشَ مَسْكَنَ الْمَطْلُوبِ عِنْدَ ادِّعَائِهِ الْعُدْمَ بِالْحَقِّ أَنْ يُفَتِّشَ مَسْكَنَهُ فَمَا أَلْفَى فِيهِ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ بِيعَ عَلَيْهِ وَأُنْصِفَ الطَّالِبُ مِنْهُ وَلَا يَخْتَلِفُ فُقَهَاؤُهُمْ فِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ أُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَاسْتَبْصَرُوا فِيهِ وَلَمْ يَرْجِعُوا عَنْهُ وَأَنَّهُ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ الْفَقِيهَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَنْكَرَهُ وَأَنْكَرَهُ أَيْضًا ابْنُ مَالِكٍ، وَقَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ الَّذِي يَفِي فِي بَيْتِهِ وَدَائِعُ فَقُلْتُ لَهُ: ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ مِلْكُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ فَقَالَ يَلْزَمُ إذَنْ تَوْقِيفُهُ وَالِاسْتِينَاءُ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ هَلْ لَهُ طَالِبٌ أَوْ يَأْتِي مَدْفَعٌ فِيهِ قَالَ وَأَعْلَمْتُ ابْنَ الْقَطَّانِ بِعَمَلِ أَهْلِ طُلَيْطِلَةَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لِي يَبْعُدُ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ وَاسْتِسْهَالُ الْكَذِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. اهـ. وَفِي كُلٍّ وَبِأَمْرِ الْحَكَمِ يَتَعَلَّقَانِ بِإِعْلَانٍ، وَقَوْلُهُ: حَالُ دَفْعِهِ مُبْتَدَأٌ، وَبِقَدْرِ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ مُثْبِتٌ، وَإِسْعَافُهُ نَائِبُ مُمْتَنِعٌ.

[فَصْلٌ فِي الْفَلَسِ]

ِ التَّفْلِيسُ أَعَمُّ وَأَخَصُّ فَالتَّفْلِيسُ الْأَخَصُّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِ مَدِينٍ لِغُرَمَائِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>