للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَمِينَ عَلَى السَّيِّد فِي الْأُولَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُكَاتَبُ، وَعَتَقَ. اهـ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ فِي إنْكَارِهِ الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ، فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (ابْنُ الْحَاجِبِ) ، وَيَثْبُتُ الْأَدَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِنْ عَتَقَ بِهِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِهَا أَوْ جِنْسِهَا أَوْ أَجَلِهَا، فَفِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُكَاتَبِ أَوْ السَّيِّدِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ.

(التَّوْضِيحُ) ، أَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْقَدْرِ، فَكَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ: بِأَلْفٍ وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: بِتِسْعِمِائَةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ، فَكَمَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: بِثِيَابٍ وَقَالَ الْآخَرُ: بِخِلَافِهَا، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي الْأَجَلِ فَكَلَامُهُ مُحْتَمَلٌ؛ لَأَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ أَوْ فِي حُلُولِهِ. اهـ.

بِاخْتِصَارٍ، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلِهِ: وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ لَا الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ، وَقَوْلُ النَّاظِمِ فِي مَالٍ حَصَلْ، حَصَلْ صِفَةُ مَالٍ أَيْ حَصَلَ بِيَدِ السَّيِّدِ لِقَبْضِهِ إيَّاهُ بِزَعْمِ الْعَبْدِ.

وَحُكْمُهُ كَالْحُرِّ فِي التَّصَرُّفِ ... وَمَنْعُ رَهْنٍ وَضَمَانٍ اُقْتُفِيَ

اشْتَمَلَ الْبَيْتُ عَلَى مَسْأَلَتَيْنِ:

(الْأُولَى) : أَنَّ حُكْمَ الْمُكَاتَبِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ كَالْحُرِّ قَالَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَقُولُ: وَالْمُكَاتَبُ، وَإِنْ كَانَتْ تَصَرُّفَاتُهُ كَالْحُرِّ، فَهُوَ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ كَالْعَبْدِ، فَفِي الْمُقَرَّبِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ زَيْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْمُكَاتَبُ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ فِي شَهَادَتِهِ، وَفِي حَدٍّ إنْ أَصَابَهُ، وَلَا يَرِثُ الْمُكَاتَبُ وَلَدَهُ الْحُرَّ إنْ كَانَ لَهُ، وَلَا غَيْرَهُ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِ، وَلَا تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِهِ وَسَيِّدُهُ أَوْلَى بِمِيرَاثِهِ. اهـ.

(ابْنُ عَرَفَةَ) تَصَرُّفُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ إلَّا فِي إخْرَاجِ مَالٍ لَا عَنْ عِوَضٍ (وَفِي مُخْتَصَرِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ) ، وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ بَيْعٌ وَشِرَاءٌ وَمُشَارَكَةٌ وَمُقَارَضَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ وَإِسْلَامِهَا أَوْ فِدَائِهَا، إنْ جُنَّتْ بِالنَّظَرِ، وَسَفَرٌ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ، وَإِقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ وَإِسْقَاطُ شُفْعَتِهِ لَا عِتْقَ، وَإِنْ قَرِيبًا وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ وَتَزْوِيجٌ وَإِقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ وَسَفَرٌ بَعِيدٍ، إلَّا بِإِذْنٍ.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) فِي الْبَيْتِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَهْنٌ أَوْ ضَمَانٌ فِي دَيْنِ الْكِتَابَةِ (قَالَ فِي الْمُقَرَّبِ) : وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَهُ، وَيَرْتَهِنَ الرَّهْنَ مِنْ غَيْرِ مُكَاتَبَةٍ، فَيَكُونَ كَالْحَمَالَةِ وَالْحَمَالَةُ لَا تَجُوزُ فِي الْكِتَابَةِ (ابْنُ وَهْبٍ) قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ تَحَمَّلَ لَهُ رَجُلٌ بِالْكِتَابَةِ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عَجَزَ فَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْكِتَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ فَيَتَحَمَّلُ السَّيِّدُ بِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يُخَلِّصْ السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ بِالْكِتَابَةِ.

وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، كَانَتْ دُيُونُ النَّاسِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَدْخُلُونَ مَعَ سَيِّدِهِ فِي رَقَبَتِهِ انْتَهَى. ابْنُ شَاسٍ مِنْ شُرُوطِ الْمَضْمُونِ أَنْ يَكُونَ حَقًّا ثَابِتًا مُسْتَقِرًّا أَوْ مَآلُهُ إلَى ذَلِكَ، فَلَا تَصِحُّ الْحَمَالَةُ بِالْكِتَابَةِ إذْ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ مُسْتَقِرٍّ، وَلَا تَئُولُ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَجَزَ رُقَّ؛ وَانْفَسَخَتْ الْكِتَابَةُ ا. هـ.

(الْمَوَّاقُ) قِيلَ: ثَمَانِيَةٌ لَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ بِهَا الْكِتَابَةُ وَالصَّرْفُ وَالْقِصَاصُ وَالْحُدُودُ وَالتَّعْزِيرُ وَالْبَيْعُ بِعَيْنِهِ وَعَمَلُ أَجِيرٍ يَعْمَلُ بِنَفَقَتِهِ وَحَمُولَةُ دَابَّةٍ بِعَيْنِهَا. اهـ. (قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ) : وَقَدْ كُنْت قُلْت فِي هَذِهِ النَّظَائِرِ:

وَامْنَعْ ضَمَانًا فِي ثَمَانٍ فَاعْلَمْ ... حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ قِصَاصٌ فِي دَمِ

صَرْفٌ كِتَابَةٌ وَفِيمَا عَيَّنَا ... مَبِيعًا أَوْ حَمْلًا وَصُنْعًا فَافْطِنَا.

[بَابُ فِي الرُّشْدِ وَالْأَوْصِيَاءِ وَالْحَجْرِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ وَالدَّيْنِ وَالْفَلَسِ]

ِ جَمَعَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ بَيْنَ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ ثُمَّ فَصَلَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ بِالْفُصُولِ وَبَدَأَ بِبَيَانِ الرُّشْدِ فَقَالَ

الرُّشْدُ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ حُسْنِ النَّظَرْ ... وَبَعْضُهُمْ لَهُ الصَّلَاحُ مُعْتَبَرْ

يَعْنِي أَنَّ حَقِيقَةَ الرُّشْدِ هِيَ حِفْظُ الْمَالِ مَعَ حُسْنِ النَّظَرِ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>