للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ زَادَ فِيهَا صَلَاحَ الْحَالِ أَيْضًا فَهِيَ عِنْدَهُ حِفْظُ الْمَالِ وَحُسْنُ النَّظَرِ فِيهِ وَصَلَاحُ الْحَالِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ قَالَ (ابْنُ سَلْمُونٍ) الرُّشْدُ هُوَ حِفْظُ الْمَالِ وَحُسْنُ النَّظَرِ فِيهِ وَاخْتُلِفَ هَلْ مِنْ شَرْطِهِ الصَّلَاحُ فِي الدِّينِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الرُّشْدُ هُوَ صِحَّةُ الْعَقْلِ وَصَلَاحُ الدِّينِ وَتَثْمِيرُ الْمَالِ وَحِفْظُهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَثْمَرَ مَالَهُ وَحَاطَهُ اسْتَوْجَبَ اسْمَ الرُّشْدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَرْضِيِّ الْحَالِ وَبِذَلِكَ الْحُكْمُ. اهـ.

مِنْ الشَّارِحِ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ آخِرَ الْبَابِ مَا يُوَافِقُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ قَالَ:

وَصَالِحٌ لَيْسَ يُجِيدُ النَّظَرَا ... فِي الْمَالِ إنْ خِيفَ الضَّيَاعُ حُجِرَا

وَشَارِبُ الْخَمْرِ إذَا مَا ثَمَّرَا ... لِمَا يَلِي مِنْ مَالِهِ لَنْ يُحْجَرَا

وَلَازِمٌ لَهُ مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ لَهُ الصَّلَاحُ بِمَعْنَى مَعَ وَقَدْ حَكَاهُ فِي الْمُغْنِي عَنْ بَعْضِهِمْ وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ بِاللَّامِ يَعُودُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ وَحُسْنِ النَّظَرِ فِيهِ.

وَالِابْنُ مَا دَامَ صَغِيرًا لِلْأَبِ ... إلَى الْبُلُوغِ حَجْرُهُ فِيمَا اُجْتُبِيَ

إنْ ظَهَرَ الرُّشْدُ وَلَا قَوْلَ لِأَبْ ... وَبَالِغٌ بِالْعَكْسِ حَجْرَهُ وَجَبْ

كَذَاك مَنْ أَبُوهُ حَجْرًا جَدَّدَا ... عَلَيْهِ فِي فَوْرِ الْبُلُوغِ مُشْهِدَا

وَبَالِغٌ وَحَالُهُ قَدْ جُهِلَا ... عَلَى الرَّشَادِ حَمْلُهُ وَقِيلَ لَا

وَإِنْ يَمُتْ أَبٌ وَقَدْ وَصَّى عَلَى ... مُسْتَوْجِبٍ حَجْرًا مَضَى مَا فَعَلَا

تَكَلَّمَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَفِيمَا بَعْدَهَا عَلَى مَا يَخْرُجُ بِهِ الْوَلَدُ مِنْ الْوِلَايَةِ وَيَصِيرُ رَشِيدًا لَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ.

وَقَدْ وَصَّى عَلَيْهِ أَوْ تَرَكَهُ مُهْمَلًا فَأَخْبَرَ أَنَّ الِابْنَ مَا دَامَ صَغِيرًا غَيْرَ بَالِغٍ وَأَبُوهُ حَيٌّ فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ لِأَبِيهِ وَتَحْتَ وِلَايَتِهِ فَإِذَا بَلَغَ نُظِرَ فِيهِ فَإِنْ ظَهَرَ رُشْدُهُ خَرَجَ مِنْ الْوِلَايَةِ وَلَا قَوْلَ لِأَبِيهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ ظَهَرَ سَفَهُهُ وَجَبَ اسْتِمْرَارُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَكَذَا يَسْتَمِرُّ عَلَيْهِ الْحَجْرُ إذَا جَدَّدَ أَبُوهُ عَلَيْهِ الْحَجْرَ فِي فَوْرِ الْبُلُوغِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا إنْ بَلَغَ مَجْهُولَ الْحَالِ بِحَيْثُ لَمْ يُتَبَيَّنْ رُشْدُهُ وَلَا سَفَهُهُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الرَّشَادِ أَوْ عَلَى السَّفَهِ قَوْلَانِ وَكَذَا يَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَكَانَ قَدْ أَوْصَى عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مُقَدِّمَاتِهِ أَمَّا الِابْنُ فَهُوَ فِي وِلَايَةِ أَبِيهِ مَا دَامَ صَغِيرًا لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلٌ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ.

وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ فَإِذَا بَلَغَ فَلَا يَخْلُو أَمْرُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الرُّشْدِ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ السَّفَهِ. وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ لَا يُعْلَمُ رُشْدُهُ مِنْ سَفَهِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ مَعْلُومَ الرُّشْدِ فَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا جَائِزَةٌ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ الْوِلَايَةِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا بِبُلُوغِهِ مَعَ مَا ظَهَرَ مِنْ رُشْدِهِ وَأَمَّا إنْ كَانَ مَعْلُومًا بِالسَّفَهِ فَلَا يُخْرِجُهُ الِاحْتِلَامُ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهِ وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ غَيْرُ جَائِزَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>