للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقِيقَةً، فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْحَدِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ أَنَّهَا تَكُونُ فِي كُلِّ مَا لَهُ مَنْفَعَةٌ، فَتَكُونُ فِي الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ (قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ:) فَإِنْ أَعْرَى حُلِيًّا وَثِيَابًا قَالَ: أَمَّا الْحُلِيُّ فَهُوَ كَالدُّورِ وَأَمَّا الثِّيَابُ فَلَمْ أَسْمَعْ فِيهَا مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا اهـ وَآخِرُهُ بِالْمَعْنَى مَعَ اخْتِصَارٍ.

قَوْلُهُ: هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ. . . إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْعُمْرَى: هِيَ هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ طُولَ حَيَاةِ الْمُعْمِرِ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْعَامِ، أَوْ مَا بَعْدَهُ، وَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَنْوَاعِ الْعَطِيَّةِ، فَتَفْتَقِرُ إلَى الْحَوْزِ، وَعَلَيْهِ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

بِحَوْزِ الْأَصْلِ حَوْزُهَا اسْتَقَرَّا

وَحَوْزُهَا هُوَ بِحَوْزِ أَصْلِهَا، وَلَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِهَا لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَهُوَ حَيَاةُ الْمُعْمِرِ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ، فَلَا يَدْخُلُهَا الْغَرَرُ الْمَحْظُورُ فِي الْبُيُوعِ فِي جَهْلِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا أَرْسِلْ مِنْ يَدِك بِالْغَرَرِ، وَلَا تَأْخُذْ بِهِ، فَإِنَّ فِي الْمُقَرَّبِ قُلْت: لَهُ أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَجُلٌ: لِرَجُلٍ قَدْ أَعْمَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ حَيَاتَك أَوْ هَذَا الْعَبْدَ أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ هَذَا الْحُلِيَّ، أَيَجُوزُ هَذَا قَالَ: نَعَمْ وَيَرْجِعُ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ جُعِلَ ذَلِكَ لَهُ إلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ (وَفِي الْمَنْهَجِ السَّالِكِ) : وَأَمَّا هِبَةُ الْمَنَافِعِ كَالْعُمْرَى وَالْإِخْدَامِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهَا كَهِبَةِ الْأَعْيَانِ إلَّا فِي تَمْلِيكِ الرِّقَابِ. قَالَ: أَعْمَرَهُ دَارًا أَوْ جَنَّةً مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ رَجَعَتْ بَعْدَ انْصِرَامِ الْمُدَّةِ مِلْكًا لِرَبِّهَا أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَكَذَلِكَ إنْ أَعْمَرَ عَقِبَهُ (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ) .

وَلَا يَجُوزُ الْعُمْرَى إلَّا بِحِيَازَةٍ وَقَبْضٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ لِمَنْ يَجُوزُ لِلْمُعَمَّرِ الْقَبْضُ لَهُ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ فَقَوْلُهُ: (هِبَةُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْعُمْرَى: مُبْتَدَأٌ وَطُولَ: ظَرْفٌ يَتَعَلَّقُ بِهِبَةٍ وَمُدَّةً: بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى طُولَ أَيْ الْعُمْرَى هِبَةُ غَلَّةِ الْأُصُولِ حَيَاةَ مُعْمِرٍ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَالْعَامِ أَوْ مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْعَامِ، وَهُوَ الْمُرَادُ أَوْ مَا بَعْدَهُ، وَحَوْزُهَا: مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ اسْتَقَرَّا وَبِحَوْزٍ: يَتَعَلَّقُ بِاسْتَقَرَّا، وَخَصَّ الْأُصُولَ، وَإِنْ كَانَتْ تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَى فِيهَا أَكْثَرُ

وَبَيْعُهَا مُسَوَّغٌ لِلْمُعْمَرِ ... مِنْ مُعْمِرٍ وَوَارِثٍ لِلْمُعْمِرِ

يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ وَيَسُوغُ لِلْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ بَيْعُ الْعُمْرَى لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ شِئْت قُلْتَ يَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ بِالْكَسْرِ وَلِوَرَثَتِهِ شِرَاءُ عُمْرَتِهِ مِنْ الْمُعْمَرِ بِالْفَتْحِ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، فَالْمُعْمَرُ بِالْفَتْحِ بَائِعٌ وَبِالْكَسْرِ مُشْتَرٍ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ (قَالَ فِي الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ:) وَيَجُوزُ لِلْمُعْمِرِ شِرَاءُ عُمْرَاهُ قِيَاسًا عَلَى الْعَرِيَّةِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلِلْمُعْمِرِ كِرَاؤُهَا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ لَا غَيْرُ، وَقِيلَ: لِأَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ كَالْأَحْبَاسِ، وَلَوْ كَانَتْ لِمُدَّةٍ مَحْصُورَةٍ لَجَازَ كِرَاؤُهَا إلَيْهَا، وَيَجُوزُ لِوَرَثَةِ الْمُعْمِرِ شِرَاؤُهَا مِنْ الْمُعْمَرِ كَمَا كَانَ ذَلِكَ لِأَبِيهِمْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ مُعَقَّبَةً، وَفِيهِ أَيْضًا يَجُوزُ ابْتِيَاعُ الْمُعْمِرِ لِلْعُمْرَى بِالنَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بِالنَّسِيئَةِ، وَلَا تَأْثِيرَ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ إذْ لَيْسَ بِبَيْعٍ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مَعْرُوفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>