للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْعَيْبُ فِي الرِّجَالِ مِنْ قَبْلِ الْبِنَا ... وَبَعْدَهُ الرَّدُّ بِهِ تَعَيَّنَا

إلَّا اعْتِرَاضًا كَانَ بَعْد مَا دَخَلْ ... وَالْوَطْءُ مِنْهُ هَبْهُ مَرَّةً حَصَلْ

وَبِالْقَدِيمِ الزَّوْجُ وَالْكَثِيرِ ... يُرَدُّ وَالْحَادِثِ وَالْيَسِيرِ

إلَّا حُدُوثَ بَرَصٍ مَنْزُورِ ... فَلَا طَلَاقَ مِنْهُ فِي الْمَشْهُورِ

وَزَوْجَةٌ بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ ... وَهُوَ لِزَوْجٍ آفَةٌ مِنْ بَعْدِهْ

اعْلَمْ أَنَّ فَهْمَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجُمْلَةِ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَيْبَ الْمَوْجُودَ فِي أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ النِّكَاحِ، أَوْ حَادِثًا بَعْدَ عَقْدِهِ فَإِنْ كَانَ سَابِقًا عَلَى الْعَقْدِ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْعَيْبِ مُدَلِّسٌ حَيْثُ كَتَمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَيْبُ بِالزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ وَإِنْ كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنْ حَدَثَ بِالْمَرْأَةِ، فَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْفِرَاقِ بِالطَّلَاقِ

وَسَيَقُولُ النَّاظِمُ بَعْدُ

وَزَوْجَة بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ ... وَهُوَ لِزَوْجٍ آفَةٌ مِنْ بَعْدِهِ

وَإِنْ حَدَثَ بِالرَّجُلِ فَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ لَهَا الْخِيَارَ فِي كُلِّ عَيْبٍ حَدَثَ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ بَنَى، أَوْ لَمْ يَبْنِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ لَيْسَ بِيَدِهَا، فَلَا مُخَلِّصَ إلَّا إنْ خُيِّرَتْ الثَّانِي لَا خِيَارَ لَهَا كَاَلَّذِي يَحْدُثُ بِالزَّوْجِ الثَّالِثُ لَا خِيَارَ لَهَا إلَّا إنْ حَدَثَ بِهِ بَرَصٌ فَتُخَيَّرُ الرَّابِعُ لَهَا الْخِيَارُ إلَّا فِي الْبَرَصِ الْيَسِيرِ، فَلَا خِيَارَ لَهَا (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالْعَيْبُ الْمُقْتَضِي لِلْخِيَارِ مَا وُجِدَ قَبْلَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ وَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً بَعْدَهُ ثَالِثُهَا إلَّا فِي الْبَرَصِ وَرَابِعُهَا إلَّا فِي الْقَلِيلِ مِنْهُ اهـ فَتَكَلَّمَ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِالرَّجُلِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ بَنَى، أَوْ لَمْ يَبْنِ وَأَنَّ لِلْمَرْأَةِ الْخِيَارَ بِسَبَبِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْعَيْبُ اعْتِرَاضًا حَدَثَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَلَا خِيَارَ لَهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ حَكَى فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ ذَهَبَ النَّاظِمُ فِي هَذَا الْبَيْتِ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى نَظِيرِهِ.

وَهُوَ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا حَيْثُ قَالَ

وَهُوَ لِزَوْجٍ آفَةٌ مِنْ بَعْدِهِ

أَيْ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ آفَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجِ، فَلَا خِيَارَ لَهُ فَإِمَّا أَمْسَكَ، أَوْ طَلَّقَ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ السَّابِقِ عَلَى الْعَقْدِ فَأَشَارَ لِرَدِّ الزَّوْجِ بِهِ بِقَوْلِهِ

وَبِالْقَدِيمِ الزَّوْجُ وَالْكَثِيرِ

الْبَيْتَ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَالْحَادِثِ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ هُوَ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا

وَالْعَيْبُ فِي الرِّجَالِ مِنْ قَبْلِ الْبِنَا

الْبَيْتَيْنِ وَكَأَنَّهُ كَرَّرَهُ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ حُدُوثَ الْبَرَصِ الْيَسِيرِ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ لِلْمَرْأَةِ خِيَارًا، أَوْ هَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْكَثِيرَ يُوجِبُ لَهَا الْخِيَارَ، وَكَذَلِكَ الْجُذَامُ الْبَيِّنُ إذَا هُوَ أَضَرُّ مِنْ الْبَرَصِ، وَهَذَا الْمَفْهُومُ هُوَ مَنْطُوقُ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَلَهَا فَقَطْ الرَّدُّ بِالْجُذَامِ الْبَيِّنِ وَالْبَرَصِ الْمُضِرِّ الْحَادِثَيْنِ بَعْدَهُ فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِالزَّوْجِ بَعْد الْعَقْدِ شَيْئَانِ.

الِاعْتِرَاضُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَالْبَرَصُ الْيَسِيرُ، فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِلزَّوْجَةِ لِقَوْلِهِ

إلَّا اعْتِرَاضًا كَانَ بَعْد مَا دَخَلْ

الْبَيْتَ وَلِقَوْلِهِ

إلَّا حُدُوثَ بَرَصٍ مَنْزُورِ

الْبَيْتَ، فَلَا طَلَاقَ مِنْهُ أَيْ، فَلَا خِيَارَ فِيهِ لِلْمَرْأَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْخِيَارِ بَدَلَ الطَّلَاقِ لَكَانَ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عَلَى رَدِّ الْمَرْأَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَقَالَ

وَزَوْجَةٌ بِسَابِقٍ لِعَقْدِهِ

فَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّهُ حَكَى فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ وَهِيَ حُدُوثُ الْعَيْبِ بِالرَّجُلِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَوْلَيْنِ مِنْهَا الْأَوَّلُ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ وَالرَّابِعُ فِي قَوْلِهِ

إلَّا حُدُوثَ بَرَصٍ مَنْزُورِ

فَقَوْلُ النَّاظِمِ

وَالْعَيْبُ فِي الرِّجَالِ مِنْ قَبْلِ الْبِنَا

وَبَعْدَهُ الْبَيْتَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بِالرَّجُلِ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ سَوَاءٌ حَدَثَ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ عَيْبٌ لِلزَّوْجَةِ الرَّدُّ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ عَيْبُ الِاعْتِرَاضِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَالْوَطْءِ وَهُوَ لَا يُرَدُّ بِهِ اسْتَثْنَاهُ النَّاظِمُ.

فَقَالَ الِاعْتِرَاضُ إذَا كَانَ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ بِهِ وَذَلِكَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالزَّوْجَةِ وَقَوْله

وَبِالْقَدِيمِ الزَّوْجُ وَالْكَثِيرِ

الْبَيْتَيْنِ يَعْنِي أَنَّ الْعَيْبَ إذَا كَانَ بِالزَّوْجِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ قَلِيلًا كَانَ الْعَيْبُ، أَوْ كَثِيرًا قَدِيمًا كَانَ أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حَادِثًا بَعْدَ الْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَ الْحَادِثُ بَعْدَهُ بَرَصًا يَسِيرًا، فَلَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّ النَّاظِمَ حَكَى الْقَوْلَ الْأَوَّلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>