للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ كَسَا الزَّوْجَةَ ثُمَّ طَلَّقَا ... يَأْخُذُهَا مَعَ قُرْبِ عَهْدٍ مُطْلَقًا

وَالْأَخْذُ إنْ مَرَّتْ لَهَا شُهُورُ ... ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا مَحْظُورُ

وَإِنْ يَكُونَا اخْتَلَفَا فِي الْمَلْبَسِ ... فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ فِي الْأَنْفَسِ

وَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِثَوْبٍ مُمْتَهَنْ ... وَلُبْسُ ذَاتِ الْحَمْلِ بِالْحَمْلِ اقْتَرَنْ

وَحَيْثُمَا خُلْفُهُمَا فِي الزَّمَنِ ... يُقَالُ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ بَيِّنِي

وَعَجْزُهَا يَمِينَ زَوْجٍ يُوجِبُ ... وَإِنْ أَرَادَ قَلْبَهَا فَتُقْلَبُ

اشْتَمَلَتْ الْأَبْيَاتُ عَلَى مَسَائِلَ:

(الْأُولَى) : مَنْ كَسَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا وَلَا حَمْلَ بِهَا بِحَيْثُ لَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ كُسْوَةٌ، وَأَرَادَ الزَّوْجُ أَخْذَ كُسْوَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ كُسْوَتُهُ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَهُ أَخْذُ كُسْوَتِهِ كَيْفَمَا وَجَدَهَا، وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَا يَأْخُذُهَا، وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَة أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:

وَمَنْ كَسَا الزَّوْجَةَ ثُمَّ طَلَّقَا

الْبَيْتَيْنِ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ كَيْفَمَا وَجَدَهَا خَلِقَةً أَمْ لَا.

(الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) إذَا كَسَاهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى أَنَّهَا الْكُسْوَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِيَسْتَرِدَّهَا إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بِالْقُرْبِ كَمَا ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَادَّعَتْ هِيَ أَنَّهُ أَهْدَاهَا لَهَا فَهِيَ هِبَةٌ قَدْ حِيزَتْ، فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجَةِ فِي الثَّوْبِ الرَّفِيعِ الْمُنَاسِبِ لِدَعْوَاهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي ثَوْبِ الْمِهْنَةِ الْمُنَاسِبِ لِمَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ وَيُلْزَمُ بِهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَإِنْ يَكُونَا اخْتَلَفَا فِي الْمَلْبَسِ ... فَالْقَوْلُ قَوْلُ زَوْجَةٍ فِي الْأَنْفَسِ

وَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِثَوْبٍ مُمْتَهَنْ ...

(الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ حَامِلًا فَإِنَّ لَهَا عَلَيْهِ الْكُسْوَةَ مَا دَامَتْ حَامِلًا، وَإِلَيْهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:

وَلُبْسُ ذَاتِ الْحَمْلِ بِالْحَمْلِ اقْتَرَنْ

(الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ) إذَا كَسَاهَا وَطَلَّقَهَا وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا الْكُسْوَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي قُرْبِ الزَّمَانِ وَبُعْدِهِ، فَادَّعَى الزَّوْجُ قُرْبَ زَمَانِ كُسْوَتِهِ لَهَا لِيَسْتَرِدَّهَا مِنْهَا، وَادَّعَتْ هِيَ طُولَ زَمَنِ ذَلِكَ لِتَبْقَى لَهَا، حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فَعَلَى الزَّوْجَة الْبَيِّنَةُ بِطُولِ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا مُدَّعِيَةٌ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْهَا حَلَفَ الزَّوْجُ لِأَنَّهُ مُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ قَلْبَ الْيَمِينِ عَلَى الزَّوْجَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ:

وَحَيْثُمَا خُلْفُهُمَا فِي الزَّمَنِ

الْبَيْتَيْنِ قَالَ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: وَإِنْ كَسَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ كُسْوَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا تَجِبُ لَهَا بِهِ نَفَقَةٌ وَلَا كُسْوَةٌ، فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ كُسْوَتِهِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَ مَضَى لِابْتِيَاعِهِ لَهَا أَشْهُرٌ وَكَانَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فَمَا فَوْقَهَا إلَى الْعَشَرَةِ فَهِيَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا شَيْءَ فِيهَا لِلرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَهِيَ لِلرَّجُلِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ، وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَزِيَادَةٍ، فَعَلَى الْمَرْأَةِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى مُدَّةِ الِابْتِيَاعِ لِأَنَّهَا تُرِيدُ اسْتِحْقَاقَ الْكُسْوَةِ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ كَانَ لَهَا الْيَمِينُ عَلَى الزَّوْجِ. (قَالَ ابْنُ فَتْحُونٍ) بَعْدَ نَقْلِهِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اسْتِحْبَابَ مَالِكٍ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْأَشْهُرِ أَنْ لَا يَتْبَعَ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ مِنْ الْكُسْوَةِ مَا نَصُّهُ: وَاَلَّذِي وَقَعَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْكُسْوَةِ الَّتِي يَفْرِضُهَا الْقَاضِي.

وَأَمَّا مَا كَسَاهَا الزَّوْجُ عَلَى وَجْهِ الْهَدِيَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا خَلَقَتْ أَوْ لَمْ تَخْلُقْ، قَرُبَ عَهْدُهَا أَوْ بَعُدَ، وَهِيَ مُوَرَّثَةٌ عَنْهَا، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ: الزَّوْجُ هَذِهِ الْكُسْوَةُ مِمَّا فُرِضَ عَلَيَّ. وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ: بَلْ هِيَ مِمَّا أَهْدَيْتَهُ إلَيَّ. كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْكُسْوَةُ مِمَّا لَا يَفْرِضُ مِثْلَهَا الْقَاضِي فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا أَوْ قَوْلَ وَرَثَتِهَا. (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْت: فَإِنْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا ثَوْبًا فَقَالَتْ: أَهْدَيْتَهُ إلَيَّ. وَقَالَ. بَلْ هُوَ مِمَّا فَرَضَ الْقَاضِي عَلَيَّ. فَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّوْبُ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي لَا يَفْرِضُهَا الْقَاضِي لِمِثْلِهَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا

اهـ. فَقَوْلُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ: " وَإِنْ كَسَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ " إلَخْ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي النَّظْمِ، وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ اخْتَلَفَا وَادَّعَى الزَّوْجُ " وَمَا بَعْدَهُ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ فِي النَّظْمِ. وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ " وَمَا بَعْدَهُ عَنْ الْمُقَرِّبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي النَّظْمِ. (وَسُئِلَ) الْإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ تَاجِرٍ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا تُوُفِّيَ فَادَّعَى وَرَثَتُهُ فِي بَعْضِ الثِّيَابِ الَّتِي هِيَ مِنْ شَاكِلَةِ الْمَرْأَةِ وَاحْتَوَى عَلَيْهَا مَنْزِلُهَا أَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ مُتَخَلَّفِهِ، وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ الزَّوْجَ سَاقَهَا لَهَا وَأَنَّهَا مَتَاعُهَا لَا مِنْ الْمُتَخَلَّفِ، فَقَوْلَ مَنْ يَكُونُ

<<  <  ج: ص:  >  >>