للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَجْهَ يُسَمَّى الْمُعَاوَضَةَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " مُعَيَّنٌ غَيْرُ الْعَيْنِ فِيهِ " السَّلَمُ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

مَا يُسْتَجَازُ بَيْعُهُ أَقْسَامُ ... أُصُولٌ أَوْ عُرُوضٌ أَوْ طَعَامُ

أَوْ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ ثَمَرُ ... أَوْ حَيَوَانٌ وَالْجَمِيعُ يُذْكَرُ

أَخْبَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ يَنْقَسِمُ إلَى سِتَّةِ أَنْوَاعٍ: (الْأَوَّلُ) أُصُولٌ وَذَلِكَ، كَالدُّورِ، وَالْحَوَائِطِ وَالْفَنَادِقِ، وَالْحَوَانِيتَ، وَالْأَرَضِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (وَالثَّانِي) عُرُوضٌ، كَالثِّيَابِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْآلَاتِ، وَنَحْوِهَا. (الثَّالِثُ) طَعَامٌ كَالْحُبُوبِ مِنْ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ، وَالْقَطَانِيِّ، وَإِدَامٌ كَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ وَمُصْلِحَاتِهِ، كَالْمِلْحِ وَالْبَصَلِ، وَنَحْوِهِمَا. (الرَّابِعُ) ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَهُمَا النَّقْدَانِ اللَّذَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا الْأَغْرَاضُ مِنْ حَيْثُ التَّنْمِيَةُ الْمَنُوطَةُ بِهِمَا. (الْخَامِسُ) ثَمَرٌ وَذَلِكَ، كَالْفَوَاكِهِ، وَالْمَقَاثِئِ، وَالْخُضَرِ، وَأَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الطَّعَامِ لِمَا اخْتَصَّتْ بِهِ عَنْ الطَّعَامِ مِنْ اشْتِرَاطِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ. (السَّادِسُ) حَيَوَانٌ، كَالرَّقِيقِ، وَالدَّوَابِّ، وَالْأَنْعَامِ، وَالْوَحْشِ، وَالطَّيْرِ وَفَائِدَةُ تَقْسِيمِ هَذِهِ الْمَبِيعَاتِ لِمَا ذُكِرَ اخْتِصَاصُ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِأَحْكَامٍ مُعْتَبَرَةٍ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُعْتَبَرْ فِي غَيْرِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، كَالْعُيُوبِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِيمَةِ فِي الْأُصُولِ، أَوْ لِلرَّدِّ فِي الْحَيَوَانِ، وَالْعُرُوضِ وَرِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ فِي النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ، وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ فِي الثِّمَارِ، وَالْعُهْدَتَيْنِ فِي الرَّقِيقِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي النُّطْقِ: الْجَوَازُ الْأَعَمُّ الشَّامِلُ لِلْوُجُوبِ وَغَيْرِهِ (قَالَ الْإِمَامُ الْحَطَّابُ) : وَالْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ الْوُجُوبُ كَمَنْ اُضْطُرَّ لِشِرَاءِ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالنَّدْبُ كَمَنْ أَقْسَمَ عَلَى إنْسَانٍ أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً لَا ضَرُورَةَ عَلَيْهِ فِي بَيْعِهَا فَيُنْدَبُ إلَى إجَابَتِهِ لِأَنَّ إبْرَارَ الْمُقْسِمِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، وَالْكَرَاهَةُ كَبَيْعِ الْهِرِّ، وَالسِّبَاعِ لِأَخْذِ جُلُودِهَا، وَالتَّحْرِيمُ كَالْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَحِكْمَةُ مَشْرُوعِيَّتِهِ الرِّفْقُ بِالْعِبَادِ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى حُصُولِ الْمَعَاشِ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ احْتِكَارُ مَا يَضُرُّ بِالنَّاسِ اهـ. وَلِلْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ، الثَّانِي الْعَاقِدُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مَعًا، الثَّالِثُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الثَّمَنُ وَالْمَثْمُونُ مَعًا فَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ، وَلَمَّا كَانَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي يَشْتَرِكَانِ فِي الشُّرُوطِ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَبَّرُوا عَنْهُمَا بِالْعَاقِدِ، وَكَذَلِكَ الثَّمَنُ وَالْمَثْمُونُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الْآخَرِ فَلِذَلِكَ عَبَّرُوا عَنْهُمَا بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالصِّيغَةُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ، كَبِعْت وَيَرْضَى الْمُشْتَرِي، أَوْ ابْتَعْتُ وَيَرْضَى الْبَائِعُ، أَوْ فِعْلٍ، كَالْمُعَاطَاةِ وَذَلِكَ فِيمَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مَعْلُومَةً فَيَضَعُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَيُعْطِي الْبَائِعُ الْمَثْمُونَ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ، وَأَمَّا الْعَاقِدُ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ انْعِقَادِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ عَاقِدُهُ مُمَيِّزًا فَبَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ سُكْرٍ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لَازِمًا، وَيُشْتَرَطُ فِي لُزُومِهِ كَوْنُ عَاقِدِهِ رَشِيدًا طَائِعًا فَبَيْعُ الْمَحْجُورِ مُنْعَقِدٌ غَيْرُ لَازِمٍ يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ حَاجِرِهِ.

وَقَدْ أَشَارَ النَّاظِمُ إلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ بِقَوْلِهِ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ

مِمَّنْ لَهُ تَصَرُّفٌ فِي الْمَالِ

وَكَذَا الْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ إذَا أُكْرِهْ عَلَى الْبَيْعِ بَيْعُهُ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْضًا إلَّا إذَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ فِي حَقٍّ شَرْعِيِّ كَقَضَاءِ دَيْنٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ، وَأَمَّا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فَلَهُ سَبْعَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: الطَّهَارَةُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ نَجِسِ الْعَيْنِ كَالزِّبْلِ، وَلَا الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ كَالزَّيْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهَا، أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ الَّذِي يَقْبَلُ الطَّهَارَةَ كَالثَّوْبِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا بَيَّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>