وَالسَّلَامَةِ بَيَانٌ حَسَنٌ وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ فَالْبَيْعُ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ حَتَّى يَنُصَّ فِيهِ أَنَّهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَحُكْمُ هَذَا الْبَيْعِ أَنَّ مَا أَلْفَى فِي الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ أَقْدَمَ مِنْ أَمَدِ الْبَيْعِ رَجَعَ بِهِ. اهـ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَيْعِ الْبَرَاءَةِ حَيْثُ ذَكَرَهُ النَّاظِمُ. (فَرْعٌ) نَقَلَ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَرَّبِ مَا نَصُّهُ وَلِمَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ اشْتَرَى بِالْبَرَاءَةِ فَلَا يَبِيعُ بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ حَتَّى يُخْبَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِالْبَرَاءَةِ وَمَنْ اشْتَرَى بِبَيْعِ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ فَلَا يَبِيعُ بِالْبَرَاءَةِ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ التَّدْلِيسُ إلَّا رَجُلًا بَاعَ لِدَيْنٍ عَلَيْهِ، أَوْ فِي مِيرَاثٍ، أَوْ بَيْعِ السُّلْطَانِ فَإِنَّ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَبِيعُوا بَيْعَ الْبَرَاءَةِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ ابْتَاعُوا بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَةِ الْإِسْلَامِ. اهـ
وَالْعَيْبُ إمَّا ذُو تَعَلُّقٍ حَصَلْ ... ثُبُوتُهُ فِيمَا يُبَاعُ كَالشَّلَلْ
أَوْ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ لَكِنَّهْ ... مُنْتَقِلٌ عَنْهُ كَمِثْلِ الْجَنَّهْ
أَوْ بَائِنٌ كَالزَّوْجِ وَالْإِبَاقِ ... فَالرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ بِالْإِطْلَاقِ
إلَّا بِأَوَّلٍ بِمَا مِنْهُ ظَهَرْ ... لِمَنْ يَكُونُ بِالْعُيُوبِ ذَا بَصَرْ
وَالْخُلْفُ فِي الْخَفِيِّ مِنْهُ وَالْحَلِفْ ... يَلْزَمُ إلَّا مَعَ تَدَيُّنٍ عُرِفْ
يَعْنِي أَنَّ: عُيُوبَ الرَّقِيقِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: - أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقَ ثُبُوتٍ لَا يُنْتَقَلُ عَنْهُ كَالشَّلَلِ وَالْقَطْعِ وَالْكَيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقَ انْتِقَالٍ كَالْجُنُونِ، وَالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ بَائِنًا عَنْهُ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَالزَّوْجِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَإِلَى هَذِهِ الْأَقْسَامِ أَشَارَ بِالْبَيْتَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَشَطْرِ الثَّالِث وَالشَّلَلُ يُبْسُ الْكَفِّ لِجُرْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَمَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا فَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ كَانَ الْمُشْتَرِي عَارِفًا بِالْعُيُوبِ أَوْ غَيْرَ عَارِفٍ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَهُ الرَّدُّ بِعُيُوبِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ ظَاهِرًا كَانَ الْعَيْبُ أَوْ خَفِيًّا. وَأَمَّا الْعَارِفُ فَلَا رَدَّ لَهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ ظَاهِرٌ، تَقْدِيمًا لِلْغَالِبِ الَّذِي هُوَ رُؤْيَتُهُ وَالْعِلْمُ بِهِ عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْجَهْلُ بِهِ وَأَمَّا الْخَفِيُّ فَفِي رُجُوعِ الْعَارِفِ بِهِ قَوْلَانِ: - أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا رَدَّ لَهُ رَوَاهُ (ابْنُ حَبِيبٍ) وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ يَرُدُّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا رَآهُ. قَوْلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ بَصَرِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ لِتَدَيُّنِهِ فَلَهُ الرَّدُّ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ دُونَ يَمِينٍ. وَإِلَى الرَّدِّ بِمَا ذُكِرَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَالرَّدُّ فِي الْجَمِيعِ بِالْإِطْلَاقِ إلَّا بِأَوَّلٍ إلَى آخِرِ الْبَيْتَيْنِ) وَضَمِيرُ مِنْهُ فِي الْبَيْتِ الرَّابِعِ وَالْخَامِسِ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْعُيُوبِ.
(وَقَوْلُهُ فِي الْخَفِيِّ مِنْهُ إلَخْ) يَعْنِي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ الْمُشْتَرِي ذَا بَصَرٍ بِالْعُيُوبِ وَحَلِفُهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ لَهُ الرَّدَّ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّ تَقْسِيمَ الْمُشْتَرِي إلَى كَوْنِهِ عَارِفًا بِالْعُيُوبِ أَوْ لَا إنَّمَا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ بِمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَبِيعِ إذْ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْعَارِفُ مِنْ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute