فَذَلِكَ الْأَرْشُ مَحْطُوطٌ عَنْ الشَّفِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ وَهَذَا كَمَا قَالَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ أَيْضًا لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا بَعْدَ أَخْذِهِ الشَّفِيعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ أَرْشٍ فَإِنْ رَدَّ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ رَدَّ هُوَ حِينَئِذٍ عَلَى الْبَائِعِ اهـ فَمَا مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَاقِعٌ عَلَى الْمَحْطُوطِ مِنْ الثَّمَنِ وَحُطَّ صِلَتُهَا وَنَائِبُهُ يَعُودُ عَلَى مَا وَمُتَعَلِّقُ حُطَّ مَحْذُوفٌ أَيْ عَنْ الْمُشْتَرِي وَبِعَيْبٍ يَتَعَلَّقُ بِحُطَّ وَبَاؤُهُ سَبَبِيَّةٌ حَالَةَ كَوْنِ الْعَيْبِ مُطْلَقًا عَيْبَ قِيمَةٍ أَوْ رَدٍّ كَمَا تَقَدَّمَ وَجُمْلَةُ حُطَّ عَنْ الشَّفِيعِ خَبَرُ مَا فَعَنْ الشَّفِيعِ يَتَعَلَّقُ بِحُطَّ الثَّانِي.
وَلَا يُحِيلُ مُشْتَرٍ لِبَائِعْ ... عَلَى الشَّفِيعِ لِاقْتِضَاءِ مَانِعْ
وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَضْمَنَ عَنْ ... مُسْتَشْفِعٍ لِمُشْتَرٍ مِنْهُ الثَّمَنْ
ذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ:
(الْأُولَى) : أَنَّ مَنْ بَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَقَامَ الشَّرِيكُ وَشَفَعَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي الَّذِي الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْأَجَلِ أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعَ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْحَوَالَةِ حُلُولَ الدِّينِ الْمُحَالِ بِهِ وَالْمُحَالُ بِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا - وَهُوَ الثَّمَنُ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي - غَيْرَ حَالٍّ فَيُقَيَّدُ الْمَنْعُ الَّذِي ذُكِرَ فِي الْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِصِيغَةِ النَّفْيِ بِمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِأَجَلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ.
(قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ) وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِالنَّقْدِ لَزِمَ الشَّفِيعَ دَفْعُ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ يُؤَجَّلُ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى الشَّفِيعِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ مُعْدَمًا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ مَلِيٍّ أَوْ يُعَجِّلَهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ الْبَائِعَ بِهِ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ اهـ وَالشَّاهِدُ هُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحِيلَ إلَخْ وَفَاعِلُ " يُحِيلَ " فِي كَلَامِ ابْنِ سَلْمُونٍ لِلْمُشْتَرِي وَضَمِيرُ بِهِ لِلثَّمَنِ وَلِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ " لِاقْتِضَاءِ مَانِعْ " وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ.
(الثَّانِيَةُ) : قَالَ فِيهَا ابْنُ سَلْمُونٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِهِ لَا يَجُوزُ لِلَّذِي بَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ أَنْ يَتَحَمَّلَ بِالثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي عَنْ الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ لِأَنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْفَعَةً إذْ لَعَلَّ الشِّقْصَ لَا يُسَاوِي الثَّمَنَ فَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ الشَّفِيعُ لَمْ يَجِدْ هُوَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَفَاءً بِثَمَنِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْحَمَالَةُ مَعْرُوفٌ كَالْقَرْضِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا عِوَضًا وَلَا يَجُرَّ بِهَا نَفْعًا اهـ.
(وَفِي الْمُقَرَّبِ) قُلْت فَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنَا أَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَا لِي عَلَى هَذَا الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ؛ فَقَالَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ الْحَقَّ وَجَبَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَفْسَخَهُ فِي دَيْنٍ فَيَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ اهـ وَإِلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَشَارَ بِالْبَيْتِ الثَّانِي فَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ أَيْضًا بِكَوْنِ الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ وَ " الثَّمَنْ " مَفْعُولُ " يَضْمَنَ " وَ " عَنْ مُسْتَشْفِعٍ وَلِمُشْتَرٍ " يَتَعَلَّقَانِ بِ يَضْمَنَ وَمِنْهُ يَتَعَلَّقُ بِمُشْتَرٍ وَالضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute